شراء سيارة من المصرف
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه المعاملات - الربا والفوائد -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
أريد شراء سيارة من مصرف الجمهورية، ويقال: إنها مرابحة إسلامية، وأريد - بارك الله فيكم - أن تفيدوني - أفادكم الله – هل هذا الموضوع ربا أم لا؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإنا لا نستطيع الحكم على المصرف المذكور لعدم اطلاعنا على حقيقة معاملاته، ولكن اعلم انه إذا كان بيع المرابحة الذي يجريه ذلك البنك وفق الضوابط الشرعية فهو صحيح، أما إذا كان البيع مرابحة بالاسم فقط مع مخالفته للشرع فهو معاملة ربوية لا يجوز التعامل بها.
أما الضوابط الشرعية التي يجب أن تتوفر في بيع المرابحة فهي كالآتي:
(1) أن يشتري البنك السلعة المأمور بشرائها، ويَقْبِضَها قبضًا شرعيًّا؛ بحيث تكون تحت ضمانِهِ، حتى لا يدخل البنك في بَيْع ما لا يملك؛ وقد روى أهل "السنن" وأحمد، من طريق عمرو بن شُعَيْب، عن أبيه، عن جدِّه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « »؛ صحَّحه الترمذي، وابن خزيمة، وروى الخمسة - أيضًا - من حديث حَكيم بن حِزَام، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « ».
(2) ألا يتمَّ بين البنك والعميل وعدٌ ملزمٌ بالشِّراء قبل تملُّك البنك للسِّلعة من صاحبها، وألا يدفع العميل مالًا قبل تملُّك البنك للسِّلعة، وألا يشترط البنك على العميل أنه في حالة نُكُولِه في صفقة البيع، وعدم الالتزام بالشِّراء من البنك، فإن العميل يلتزم بدفع مبلغ مقابل تضرُّر البنك من آثار النُّكول عن الوفاء بالوَعْد، فكلُّ ما سبق داخلٌ في بيع ما لا يملك؛ لأنَّ الوعد الملزِم هو بحدِّ ذاته عَقْدٌ ومعاهدةٌ، كما فسَّر ذلك الشافعي - رحمه الله - في تفسيره لأحكام القرآن، وكذا أحمد؛ كما نقله شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية في "القواعد النورانية".
ومن أهل العلم من يضيف شرطأً ثالثاً، وهو:
ألا يكون بيع المُرَابَحَة ذريعةً إلى الرِّبا، بأن يقصد المشتري الحصول على المال، ويتَّخذ السلعة وسيلةً لذلك، كما في (بيع العِينَة)، بأن يبيعها المشتري بعد ذلك على البائع بسعرٍ أقل حالًا، فهذا من المحرَّم؛ لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن «
».وهذا يقصد به بيع التورُّق والمشهور، وهي مسألة خلافية بين العلماء.
فإذا تحقَّقت هذه الشُّروط؛ فإن العَقْد صحيحٌ وجائزٌ شرعًا، حتَّى لو كان البيع بثمن مؤجَّل أكثر منه حالًّا؛ لأن هذا هو الغالب.
ولكن يجب عليك أن تستوثق أن البنك غير متحايل في هذه المعاملة؛ بحيث يعطي العميل (شيكًا) أو (كمبيالة) للجهة المالكة للسلعة، فيشتريها منها، ثم تتوجَّب الأقساطُ في ذمَّة العميل؛ فهذا من الرِّبا المحرَّم.
وقد أصدر (المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي) سنة (1403هـ/ 1983م) قرارًا بعد بحث موضوع (بيع المرابحة للآمر بالشراء)، وهذا نصُّهُ:
"يقرِّر المؤتمر: أن المواعدة على (بيع المُرَابَحَة للآمِر بالشِّراء) بعد تملُّك السلعة المُشتراة للآمِر وحيازتها، ثم بيعها لمن أمر بشرائها بالرِّبح المذكور في الوَعْد السابق - هو أمرٌ جائزٌ شرعًا، طالما كانت تقع على المصرف الإسلامي مسؤولية الهلاك قبل التَّسليم، وتَبِعَة الردِّ فيما يستوجب الردَّ بعيبٍ خفيٍّ". انتهى من كتاب: "الاقتصاد الإسلامي" للدكتور/ علي السالوس.
وكذلك أصدر (مجمع الفقه الإسلامي) في دورته الخامسة بالكويت (جمادى الأولى 1409هـ، الموافق: 10- 15 كانون الأول (ديسمبر) 1988م) قراراً نصُّه:
"إن (بيع المُرَابَحَة للآمِر بالشِّراء) إذا وقع على سلعة بعد دخولها في ملك المأمور، وحصول (القَبْض) المطلوب شرعًا - هو بيعٌ جائزٌ، طالما كانت تقع على المأمور مسؤولية التَّلف قبل التَّسليم، وتَبِعَة الردِّ بالعيب الخفيِّ، ونحوه من موجبات الردِّ بعد التَّسليم، وتوافرت شروط البَيْع، وانتفت موانعه".
وننبِّه السَّائل الكريم إلى أنه: لا يجوز للبنك الإسلامي إلزامُ العميل بأيِّ زيادة على الدَّيْن بشرطٍ سابقٍ، أو بدون شرط - إذا تأخَّر المشتري المَدِين في دفع الأقساط عن الموعد المحدَّد – وهي ما يسمى بغرامة التأخير - وأنه لا يجوز شرعًا اشتراطُ التَّعويض في حالة التأخُّر عن الأداء؛ لأن ذلك ربا محرَّم؛ كما نصَّ عليه (مجمع الفقهي الإسلامي) بجُدَّة بإجماع الأعضاء، في دورته السادسة، عام 1410هـ، الموافق: 1990م)، قرار رقم: (53/2/6)،،
هذا؛ والله أعلم.