التشاغل بأمور الدنيا عن العبادة
عبد الكريم بن عبد الله الخضير
من برنامج فتاوى نور على الدرب، الحلقة السبعون 25/2/1433هـ
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
يتشاغل الناس في أمور كثيرة وينسون أنهم خلقوا لعبادة الله -جل وعلا-، ويتكاثرون بالأموال ويتباهون بها مما يزيد تشوف الفقير وتطلعه إليها فتذهب نفسه حسرات.
سؤالي: هل من علاج يقي الفقير التحسر ويحمي منْ منَّ الله عليه ورزقه؟
التشاغل والتلهي بأمور الدنيا ونسيان الهدف الذي خلق الإنس والجن من أجله وهو تحقيق العبودية لله -جل وعلا- جاء التنبيه عليه بقوله -سبحانه وتعالى-: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: ١] يعني شغلكم التكاثر في الأموال وفي متع الدنيا ألهاهم وشغلهم عما خلقوا له {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [التكاثر: 2]؛ لأن المقابر تذكر بالموت، وإذا تذكر الإنسان الموت أقبل على ربه وخفف من لهثه وراء دنياه، ولذا جاء الأمر بالإكثار من ذكر الموت الذي هو هادم اللذات.
لا شك أن التشاغل بأمور الدنيا يشغل عن العبادة عن عبادة الله -جل وعلا-؛ لأن الدنيا ضرة بالنسبة للآخرة، والأصل في العاقل أن ينشغل بما خلق له، ومع ذلك لا ينسى أن يبحث عما يقيم به هذا الهدف، ولذا جاء التنبيه بقوله -جل وعلا-: {وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: ٧٧]، يعني الذي تستطيع به إقامة هذا الهدف.
وأما بالنسبة للفقير الذي يتشوف ويتطلع، وإذا نظر إلى هذا الغني وتلذذه واستمتاعه بهذه الدنيا وهو لا يستطيع ذلك فلا شك أن نفسه تتقطع وتتحسر، فعلاج هذا الفقير بحديث: «إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق، فلينظر إلى من هو أسفل منه» [البخاري: 6490]، فأُمِرْنا أن ننظر إلى من هو أسفل منا في أمور الدنيا؛ لأنه أحرى ألا نزدري نعمة الله علينا كما جاء في الحديث «فإنه أجدر أن لا يزدري نعمة الله عليه» [الترمذي: 1780]، ولكن إذا نظر في أمور الدين فإنه لا يجوز له أن ينظر إلى من هو أسفل منه، بل ينظر إلى من هو أعلى منه؛ ليزداد مما يقربه إلى الله -جل وعلا-.