إطالة الغرة والتحجيل
عبد الكريم بن عبد الله الخضير
من برنامج فتاوى نور على الدرب، الحلقة الثانية والسبعون 9/3/1433هـ
- التصنيفات: الحديث وعلومه - فقه الطهارة -
ما معنى إطالة الغرة والتحجيل الوارد في الحديث؟ وهل هي من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-؟
في حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- في (الصحيحين) وغيرهما يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًا محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل» [البخاري: 136] وفي بعض الروايات: «وتحجيله» [مسلم: 246]، لكن أكثر أهل العلم على أن الجملة الأخيرة «فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل» مدرجة من كلام أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: (لم أر هذه الجملة في رواية أحد ممن روى هذا الحديث من الصحابة وهم عشرة، ولا ممن رواه عن أبي هريرة غير رواية نُعيم هذه)، وهو في (مسند أحمد)، وفيه هذه الزيادة من رواية ليث بن أبي سليم عن كعب المدني عن أبي هريرة -رضي الله عنه- إلا أن إسناده ضعيف؛ لأن الليث بن أبي سليم مضعَّف عند أهل العلم، وكعب المدني مجهول.
والمقرر عند أهل العلم أن هذه الزيادة مدرجة مع أن إطالة الغرة غير ممكنة، نعم أبو هريرة –رضي الله عنه- إذا توضأ زاد في غسل اليدين حتى يشرع في العضد، وزاد في غسل الرجلين حتى يشرع في الساق، وعلى كل حال مادامت اللفظة مدرجة فيقتصر على ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، والزيادة على ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- قد تدخل في حيز الابتداع؛ لأنه لا يتعبد إلا بما شرعه النبي -عليه الصلاة والسلام-.
يقول ابن حجر: من القرائن على إدراج هذه الجملة في الخبر ما أخرجه الإمام مسلم من طريق أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم قال: كنت خلف أبي هريرة –رضي الله عنه- فقال: يا بني فروخ أنتم هاهنا، لو علمت أنكم هاهنا ما توضأت هذا الوضوء، سمعت خليلي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء» [مسلم: 250]، قوله: "يا بني فروخ أنتم هاهنا لو علمت أنكم هاهنا ما توضأت هذا الوضوء"؛ لأن الشخص قد يستروح ويميل إلى فعل وإن كان دليله لا ينهض عليه إنما هو من باب الاحتياط عنده، لكن لا يريد أن يقتدي به أحد، وقوله: سمعت خليلي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء»، هذا صريح في الرفع، لكن لو كانت جملة: «فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل»، عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لاستدل بها هنا.