هل يبطل صوم من أغتُصب جنسيًا وهو صائم؟
خالد عبد المنعم الرفاعي
هل من أغتُصب جنسيًا يبطل صومه؟
- التصنيفات: فقه الصيام -
هل لو اغتُصب شخصٌ جنسياً يؤدي ذلك لبطلان صيامه، أم يدخل في حكم ما استكرهوا فيه؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن من أكره على الفطر في نهار رمضان بالأكل أو الشرب أو الجماع، فإن صومه صحيح؛ لأنه غير مختار، ولا قاصد للفعل، وهو مذهب الإمام الشافعي، خلافًا للجمهور.
ومن تأمل قواعد الشريعة وأصولها العامة، وأدلة الكتاب والسنة، علم صحة هذا القول، فالأعمال بالنيات والأمور بمقاصدها، والمؤاخذة مرفوعة عن غيْر القاصد.
والقصد هو أن يكون الإنسان مختارًا لما يفعله، فإن كان غير مختار كان مكرهًا غير مؤاخذ في أقواله وأفعاله، حتى في قول الكفر، قال الله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 106]، وقال الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5].
وقال صلى الله عليه وسلم. «إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه»؛ رواه ابن ماجه عن ابن عباس، وصححه الألباني.
إذا تقرر هذا علم أن من أغتُصب في نهار رمضان، فصيامه صحيح، ولا يجب عليه القضاء؛ لأنه لم يتعمَّد قلبُه فعل المبطل للصوم.
قال الإمام النووي في المجموع شرح المهذب (6/ 323) - في معرض كلامه عن مفطرات الصوم -:
"... وان فعل ذلك به بغير اختياره بأن أوجر الطعام في حلقه مكرهًا لم يبطل صومه، وأن شد امرأته ووطئها وهى مكرهة لم يبطل صومها، وأن استدخلت المرأة ذكر الرجل وهو نائم لم يبطل صومه لحديث ابي هريرة " ومن ذرعه القئ فلا قضاء عليه ".
وقال الإمام أبو محمد بن حرم في "المحلى بالآثار" (4/ 364):
"إن المغلوب المكره على الفطر لا يبطل صومه بذلك على ما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى، والمجنون، والمكره مغلوبان مكرهان مضطران بقدر غالب من عند الله تعالى ما أصابهما، فلا يبطل ذلك صومهما".
هذا؛ والله أعلم.