عمل صيانة لأجهزة في محلات تبيع لحوم الخنزير أو الخمور
يسأل: أنا أعمل صيانة لأجهزة التبريد في بلاد الغرب، بعض الأحيان أقوم بتصليح ثلاجات المشروبات الكحولية، أو لثلاجات لحم الخنزير -أجلكم الله-. ما هو موقف الشرع من هذا؟
أنا أعمل صيانة لأجهزة التبريد في بلاد الغرب، بعض الأحيان أقوم بتصليح ثلاجات المشروبات الكحولية، أو لثلاجات لحم الخنزير -أجلكم الله-. ما هو موقف الشرع من هذا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فإن حرمة الخمر ولحم الخنزير من المعلوم من دين الإسلام بالضرورة، والشارع الحكيم إذا حرم شيئًا حرم الإعانة عليه، فلا يجوز العمل في صيانة ثلاجات الخمور ولا الخنزير، ولما فيه من الإعانة على الحرام، ومن فعل هذا، فقد ارتكب إثمًا، وأعان على مُنْكَر، ويجب عليه التوبة من ذلك؛ وقد قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2].
وقرَّر الفُقهاء أنَّه لا يجوز بيع أو تأجير ما عُلِم أنَّه يستعمل في المعصية.
قال ابن قُدامة في "المغني":
"وهذا الحكم في كلِّ ما يُقصد به الحرام، كبيع السِّلاح لأهْل الحرب، أو لقطَّاع الطَّريق، أو في الفِتْنة، وبيع الأَمَة للغِناء، أو إجارتها كذلك، أو إجارة دارٍ لبيع الخمر فيها، أو لتتَّخذ كنيسة، أو بيت نار، أو أشْباه ذلك، فهو حرام، والعقد باطل". اهـ.
كما أن المال الذي يتقاضاه من العمل في هذا محرمٌ أيضًا؛ لحديث: «إن الله إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه»؛ رواه أحمد وأبو داود.
والحاصل أن منفعة العمل ينبغي أن تكون مباحةً؛ ومن شروط حل العمل: أن تكون المنفعة المعقود عليها مباحةً شرعًا، فالاستئجار على معصيةٍ أو ما يُستَعَان به على فعل المعصية، لا يجوز؛ فلا يجوز حمل العنب لمن عُلِمَ أنه يتخذه خمرًا، أو خياطة ثياب للمعصية، وغير ذلك.
وقد سُئِلَ شيخ الإسلام ابنُ تيميَّة عن خيَّاطٍ خاط للنّصارى سير حرير فيه صليب ذهب؛ فهل عليه إثم في خياطته؟ وهل تكون أجرته حلالًا أم لا؟ فقال: "إذا أعان الرّجل على معصية اللّه كان آثمًا". اهـ. -"مجموع الفتاوى" 22/141).
إذا تقرر هذه فالواجب على الأخ السائل ترك العمل في صيانة الثلاجات التي تستخدم في حفظ المحرمات، ومن ترك شيئًا لله عَوَّضَهُ الله خيرًا منه؛ قال الله - تعالى -: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2،3].
هذا؛ والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: