مداعبة الزوجه لفرج زوجها في رمضان
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإنه يجوز للرجل أن يستمتع بزوجته، وأن يقبلها وهو صائم، إلا لمن يخاف على نفسه أن يجامع أو ينزل.
ففي الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لأرَبِهِ»، وفي رواية عند أحمد ومسلم: {كان يُقَبِّلُ في رمضانَ وَهُوَ صَائِمٌ}.
وعن أم سلمة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل وهو صائم»؛ متفق عليه.
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن هذا الحٌّكم خاص به صلى الله عليه وسلم - لكونه يتحكم في شهوته، بخلاف غيره، فالجواب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص لغيره فيها؛ كما رواه مسلم عن عمر بن أبي سلمة: أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُقَبل الصائم؟" فقال له: «سل هذه»، لأم سلمة، فأخبرته: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك، فقال: "يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر"، فقال له: «أما والله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له».
وروى عبد الرزاق والبيهقي عن رجل من الأنصار: أن رجلًا قبَّل امرأته وهو صائم، فوجد من ذلك وجْدًا شديدًا، فأرسل امرأته تسأل عن ذلك، فدخلت على أم سلمة أم المؤمنين فأخبرتها، فقالت أم سلمة: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل وهو صائم"، فرجعت المرأة إلى زوجها، فأخبرته، فزاده ذلك شرًّا، وقال: "لسنا مثل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُحل الله لرسوله ما شاء"، فرجعت المرأة إلى أم سلمة، فوجدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما بال هذه المرأةِ؟» فأخبرتْه أم سلمة، فقال: «ألا أخبرتيها أني أفعل ذلك؟» فقالت أم سلمة: قد أخبرتُها، فذهبت إلى زوجها فأخبرتْه فزاده ذلك شرًّا، وقال: "لسنا مثل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُحل الله لرسوله ما شاء"، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: «والله إني لأتقاكم لله وأعلمكم بحدوده».
قال في شرح ابن بطال في "شرح البخاري":
قال المهلَّب: وكل من رخص فى المباشرة للصائم، فإنما ذلك بشرط السلام مما يخاف عليه من دواعي اللذة والشهوة، ألا ترى قول عائشة عن النبى - عليه السلام -: «وكان أملكَكُم لإربه»؛ ولهذا المعنى كرهها من كرهها.
إذا تقرر هذا فما ورد في السؤال مباح بين الزوجين، ولكن إن علم أحدهما أو كلاهما من نفسه شدة شهوة، أو ضعفًا، فالأكمل والأحسن تجنبه؛ حتى لا يفسد الصيام،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: