هل يجوز للمرأة أن تبدأ بمقدمات الجماع أو تبدأ بمداعبة زوجها دون أن يطلب؟
خالد عبد المنعم الرفاعي
والمعتاد ان الزوج هو الذي يبدأ دائما بطلب زوجته، او هو الذي يقترب منها ليحضنها او يقبلها؛ فهل للمرأه ان تفعل ذلك؟ ان تقبل زوجها بدون ان يطلب منها ذلك، و ان تفعل له مثل هذه الافعال من قبلات و أحضان و و رقص وغيره بدون ان يكون هو البادئ او الطالب ؟
- التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -
السلام عليكم
انا فتاة مقبله على الزواج، و اريد ان اعرف حكم تلك الافعال، من طبيعة الحال و المعتاد ان الزوج هو الذي يبدأ دائما بطلب زوجته، او هو الذي يقترب منها ليحضنها او يقبلها؛ فهل للمرأه ان تفعل ذلك؟ ان تقبل زوجها بدون ان يطلب منها ذلك، و ان تفعل له مثل هذه الافعال من قبلات و أحضان و و رقص وغيره بدون ان يكون هو البادئ او الطالب ؟ و مثال كاستقبال الزوج من العمل بقبله حاره و بعض الضم
ارجو الافاده و شكرا جزيلا
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فالإثارة الجنسية لا تقتصر على الزوج، وإن كان هذا هو الغالب الشائع في الحياة الزوجية، والسبب في ذلك يرجع إلى بعض العادات الموروثة، وإلى تغليب الحياء، ووضعه في غير موضعه، والناظر في سير صالحات النساء وذوات الفضل منهن مع أزواجهن، والمتأمل في أدلة الشرع الجزئية في أبواب العشرة الزوجية: يدرك إباحة ذلك لكلا الزوجين، وأن لشارع الحكيم لم يمنع النساء من ذلك، بل للزوجة الأجر في القيام بتلك الوظيفة؛ إن صلحت نيتها، فالنساء شقائق الرجال، والأصل الإباحة، واستمتاع كل من الزوجين بالآخر أمر مرغّب فيه شرعًا، وليست الإثارة الجنسية مقصورة على الزوج، إلا في أذهان الناس، فللزوجة إثارة زوجها، وطلب الجماع منه، أو حمله عليه، إذا تحركت شهوتها حتى تسكّن نفسها، وتجمع قلبها.
وقد أخرج مسلم في صحيحه عن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة، فأتى امرأته زينب، وهي تمعس منيئة لها، فقضى حاجته، ثم خرج إلى أصحابه، فقال: «إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله؛ فإن ذلك يرد ما في نفسه»، والمعنى المقصود: أن الجماع يدفع عنه الهوى والفتنة بها التي رُكبت في نفوس الرجال، من الميل إلى النساء، أو يدفع الوسوسة التي تقع في صدور الرجال برؤية المرأة، وهذا المعنى موجود في نفس المرأة، فالخطاب إذن ليس لخصوص الرجال، بل يعم الزوجين؛ لتحقق العلة التي هي مناط الحكم.
فالله تعالى جعل في نفوس النساء من الميل والتلذذ مثل ما جعل للرجال، وإن كانت طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل، وليس من شك في أن الرجل يقع في قلب المرأة، كما تقع هي في قلبه، إلا أن قوة وقوع المرأة في قلب الرجل أكبر، لحكم ليس هذا موضع بسطها، وما جبلت عليه المرأة من الحياء جعل كثيرًا من النساء يهربن من مداعبة الزوج أو طلب الجماع، حتى عاد عزوف الزوجات عن هذا بالسلب على كثير من الأزواج، بل أصبح بعض الرجال يرغبن في غير زوجاتهن!
وفي الصحيحين عن جابر أن سول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «تزوجت يا جابر؟» فقلت: نعم، فقال: «بكرًا أم ثيبًا؟» قلت: بل ثيبًا، قال: «فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك»، الحديثَ.
وهذا الحديث الشريف ظاهر في أن الزوجة تلاعب زوجها كما يفعل هو تمامًا! في رواية مسلم «فأين أنت من العذارى ولِعابها»، بكسر اللام، وهو من الملاعبة، مصدر لاعب ملاعبة كقاتل مقاتلة، وهو اللعب المعروف، والخطاب في الحديث بالملاعبة والملاطفة وحسن العشرة والألفة التامة للرجل والمرأة.
وأيضًا، فإنه الله تعالى أوجب على كلا الزوجين المعاشرة بالمعروف؛ {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]، ويدخل في ذلك بلا شك الجماع ومقدماته.
وأيضًا: فإن الزواج في الإسلام له مقاصد عظيمة، من أهمها تحصيل العفاف، ومن ثمّ كان الجماع ومقدماته وقضاء الزوجة حق زوجها ومعاشرته بالمعروف، وطلب الولد الصالح، والاستعانة على غضّ النظر إلى الحرام، وقطع التفكير فيه أو الهم به، أو غير ذلك من المقاصد الصالحة التي تجعل من المباح عبادة بالنية الصالحة، كما صح عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: «وفي بضع أحدكم صدقة»، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟! قال: «أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر»؛ رواه مسلم.
وعليه فلا حرج على الزوجة أن تبدأ بمداعبة زوجها، كما أن لها أن تطلب منه مواقعتها؛ لترد بذلك شهوتها، وتجم نفسها، ويجب على الزوج أن يجيبها، ولو لم تكن له شهوة ولا رغبة، على قدر طاقته وحاجتها،، والله أعلم.