زكاة المال وانا علي قرض للبنك
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
إن كان الحال كما ذكرت فيجب عليك زكاة المال المحجوز لدى البنك عن الثلاث سنوات السابقة، إن كان المال قد بلغ نصاب الفضة، وقدره خمسمائة وخمسة وتسعون جراما فما فوق، فقد وجب إخراج ربع العشر (2.5%) من جملة المال.
وننبه السائل الكريم إلى أن القرض البنكي إنَّ كان فائدة فهو عَيْنُ الرِّبا المُحرَّم بالكتابِ والسُّنَّة وإجْماع المسلمين الذين يُعتدُّ بقوْلِهم، وليس لأحدٍ التَّعامُل بالرِّبا إلا عند الضَّرورة الملجئة التي تُبيحُ أكلَ الميتة، والتي لا يُمكِنُ دفْعُها إلا بذلك؛ لقوْلِ الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} [التغابن: 16]، وقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة: 173].
أمَّا إذا لم تكنْ هنالك ضرورةٌ ملجئة، أو كانتْ هنالك ضرورةٌ يُمكن دفعُها بوسائل غير مُحرَّمة، فلا يَجوز الاقتراض بالربا، ومَن فَعَلَهُ فقد فتح عليه باب شَرٍّ مُستطير، وستُمحق بركة ما أَخَذَهُ من الرِّبا، ويتعرَّض لإعلان حربٍ بيْنَهُ وبيْنَ الجبار سبحانه؛ قال تعالى: { يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كُفَّارٍ أَثِيمٍ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} [البقرة: 276-279].
فالسكنُ وإن كان من الضرورات إلا أن امتلاكُ بيتٍ للسُّكنَى ليس من باب الضرورة وإنَّما هو من باب الحاجة، والحاجةُ لا تُبيحُ أكْلَ الرِّبا، ومَن لم يستطِعْ شراءَ منزلٍ بِمالٍ حلال أو بناءه اكتفى بتأجْير بيت.
وقد سُئِلَتِ اللَّجنةُ الدَّائمة عن حكم أخذ قرض للبناء فأجابتْ:
"يَحْرُم أخذُ قرضٍ من البنك وغيره بربا، سواء كان أخذُه القرضَ للبناء، أمْ للاستهلاك في طعام أو كسوة أو مصاريفِ علاج، أم كان أخذُه للتجارة به وكسب نَمائِه، أم غير ذلك؛ لعموم آيات النَّهْيِ عن الربا، وعُموم الأحاديث الدالَّة على تَحريمه، كما أنَّه لا يَجوز إيداعُ مالٍ في البنوك ونحوها بالربا".
وعليه فيجب عليك التوبة النصوح من القرض البنكي، ومن تمام التوبة سداد بقية القرض إن كان ذلك في استطاعتك،، والله أعلم
- المصدر: