هل يجوز عمل عمرة بعد عمرة التمتع؟

منذ 2018-08-15

انا طالع عمره متمتع به إلي الحج هل يجوز لي عمل عمره أخرى بعد التحلل من العمره وقبل يوم الترويه

السؤال:

انا طالع عمره متمتع به إلي الحج هل يجوز لي عمل عمره أخرى بعد التحلل من العمره وقبل يوم الترويه

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإن تكْرار العمْرة في السفرة الواحدة غيرُ مشْروع وهذا هو الثَّابت عنْ أكثر السَّلف من الصحابة والتابعين: أنَّهم كانوا لا يؤدُّون أكثر من عمْرة في السَّفرة الواحدة.

قال شيخ الإسلام : "ولم يعتمِر بعد حجِّه، لا هو ولا أحدٌ ممَّن حجَّ معه؛ إلاَّ عائشةَ، لما كانتْ قد حاضتْ، وأمرها أن تهلَّ بالحج، ثمَّ أعمرها مع أخيها عبدالرَّحمن من التنعيم؛ ولِهذا قيل لِمَا بُنِي هناك من المساجد: مساجد عائشة؛ فإنَّه لم يعتمِر أحدٌ من الصَّحابة على عهْد النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا قبل الفتح ولا بعده عمرةً من مكَّة إلاَّ عائشة".

وقال: "ولم يكن يَخرج هو ولا أصحابُه من مكَّة فيعتمِرون؛ إلاَّ ما ذُكِر من حديث عائشة ..... وأمَّا المقيم بِمكَّة، فكثْرة الطَّواف بالبيت أفضلُ له من العمْرة المكّيَّة؛ كما كان الصَّحابة يفعلون إذا كانوا مُقيمين بمكَّة، كانوا يستكْثِرون من الطَّواف، ولا يعتمِرون عمْرةً مكّيَّة"

وقال: ولم يعتمِر بعد الحجِّ أحدٌ ممَّن كان مع النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلاَّ عائشة وحْدها؛ لأنَّها كانت قد حاضتْ فلم يمكِنها الطَّواف؛ لأنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «تقْضي الحائض المناسِك كلَّها إلاَّ الطَّواف بالبيت»، فأمرها أن تهلَّ بالحجِّ وتدَع أفْعال العمرة؛ لأنَّها كانت متمتِّعة، ثمَّ إنَّها طلبت من النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - أن يعمرها، فأرْسلها مع أخيها عبدالرَّحْمن، فاعتمرتْ من التَّنعيم.

ولم يكُن على عهد النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وخلفائِه الرَّاشدين أحدٌ يخرج من مكَّة ليعتمِر إلاَّ لعذْرٍ، لا في رمضان ولا في غيْر رمضان، والَّذين حجُّوا مع النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليس فيهم منِ اعتمر بعد الحجِّ من مكَّة إلاَّ عائشة كما ذُكِر، ولا كان هذا من فِعْل الخلفاء الرَّاشدين، والَّذين استحبُّوا الإفراد من الصَّحابة إنَّما استحبُّوا أن يحجَّ في سفرة ويعتمِر في أخرى، ولم يستحبُّوا أن يحجَّ ويعتمِر عقب ذلك عمرة مكّيَّة؛ بل هذا لم يكونوا يفعلونه قطّ، اللَّهمَّ إلاَّ أن يكون شيئًا نادرًا". اهـ.

وقال: "والطَّواف بالبيت أفضل من العمرة لِمن كان بمكَّة، فهذا مما لا يستَريب فيه مَن كان عالمًا بسنَّة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وسنَّة خلفائِه، وآثار الصَّحابة وسلف الأمَّة وأئمَّتها؛ وذلك أنَّ الطواف بالبيت من أفضل العبادات والقرُبات التي شرعها الله تعالى في كتابِه، وعلى لسان نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو من أعظم عبادة أهْل مكَّة؛ أعْني: من كان بمكَّة مستوطنًا أو غير مستوطن، ومن عباداتِهم الدَّائمة الرَّاتبة التي امتازوا بها على سائر أهل الأمْصار، وما زال أهل مكَّة على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وخلفائه وأصحابه - رضِي الله عنهم - يطوفون بالبيت في كلِّ وقتٍ، ويُكثرون ذلك.

وكذلِك أمر النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولاة البيت ألاَّ يَمنعوا أحدًا من ذلك في عموم الأوقات؛ فروى جبيرُ بن مطعم: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «يا بني عبد مناف، لا تَمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت، وصلَّى فيه أيَّة ساعة شاء من ليلٍ أو نَهار»؛ رواه مسلم في صحيحِه، وسائر أهل السنن كأبي داود والترمذي، والنَّسائي وابن ماجه، وغيرهم.

وقد قال – تعالى - لخليلِه إمام الحُنفاء، الَّذي أمره ببناء البيْت، ودعا النَّاس إلى حجِّه: {أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125]، وفي الآية الأخرى: {وَالْقَائِمِينَ} [الحج: 26]، فذكر ثلاثة أنواع: الطَّواف والعكوف والرّكوع مع السّجود، وقدَّم الأخصَّ فالأخص؛ فإنَّ الطَّواف لا يشرع إلاَّ بالبيت العتيق باتِّفاق المسلمين.

وأمَّا الاعتمار للمكّي بِخروجه إلى الحلّ، فهذا لم يفعلْه أحدٌ على عهد رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم – قطّ؛ إلاَّ عائشةَ في حجَّة الوداع، مع أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يأمُرْها به؛ بل أذِن فيه بعد مراجعتها إيَّاه.

فأمَّا أصحابُه الَّذين حجُّوا معه حجَّة الوداع كلّهم، من أوَّلِهم إلى آخرهم، فلم يَخرج أحدٌ منهم لا قَبل الحجَّة ولا بعدها، لا إلى التَّنعيم ولا إلى الحديبية، ولا إلى الجعرانة، ولا غير ذلك - لأجل العمرة.

وكذلك أهل مكَّة المستوْطنين، لَم يخرج أحدٌ منهم إلى الحلّ لعمرة، وهذا متَّفق عليه، معلوم لجميع العُلماء الَّذين يعلمون سنَّته وشريعته، وكذلِك أيضًا أصحابه الَّذين كانوا مقيمين بمكَّة من حين فتْحِه مكَّة، من شهر رمضان سنة ثَمان، وإلى أن توفِّي، لَم يعتمِر أحدٌ منهم من مكَّة، ولَم يَخرج أحدٌ منهم إلى الحلّ ويهلّ منه، ولَم يعتمِر النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو بمكَّة قط".

إذا تقرر هذا فالأفضل لك الإكثار من الطَّواف، ولا يشرع لك الخروج للعمرة،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 3
  • 0
  • 91,562

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً