إذا اجتمع الجمعة والعيد في يوم واحد، وحكم مس المصحف بدون وضوء
السلام عليكم ورحمة الله اذا وافق يوم الجمعة هو يوم عيد هل يجوز ترك صلاة الجمعة اذا صلينا صلاة العيد وهل يجوز مس المصحف بدون وضوء جزاكم الله خيرا
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد اختلف الأئمة المتبعين في ترك صلاة الجمعة إذا اجتمعت مع العيد، فذهب الجمهور من الحنفيَّة والمالكيَّة والظَّاهريَّة إلى أنَّه: إذا وافق العيدُ يومَ الجمعة، فلا يباح لمن شهِد العيد التّخلُّف عن الجمعة، وهو مذهب الشَّافعي، غير أنَّه يرخِّص لأهل القرى الَّذين بلغهم النِّداء، وشهدوا صلاة العيد ألاَّ يشْهدوا صلاة الجمعة.
وذهب الحنابلة إلى أنَّه: مَن شهِد العيد سقطت عنه الجمُعة؛ إلاَّ الإمامَ لا تسقط عنْه، إلاَّ أن لا يجتمع معه مَن يصلي به الجمعة، وهذا القول هو الَّذي تؤيِّدُه الأدلَّة وعمل الصحابة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحِمه الله تعالى - في "مجموع الفتاوى" (24/ 210): "إذا اجتمع الجمعة والعيد في يوم واحد، فللعُلماء في ذلك ثلاثة أقوال:
أحدها: أنَّه تجب الجمعة على مَن شهد العيد، كما تجب سائر الجُمَع؛ للعمومات الدالَّة على وجوب الجمعة.
الثاني: تسقط عن أهل البَر، مثل أهل العوالي والشَّواذّ؛ لأنَّ عثمان بن عفَّان أرخص لهم في ترك الجمعة لمَّا صلَّى بهم العيد.
والقول الثالث - وهو الصَّحيح -: أنَّ مَن شهد العيد سقطتْ عنه الجمعة؛ لكن على الإمام أن يقيم الجمعة؛ ليشهدَها مَن شاء شهودها، ومن لم يشهد العيد، وهذا هو المأثور عن النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم – وأصحابِه؛ كعمر، وعثمان، و ابن مسعود، وابن عباس، وابن الزبير، وغيرهم، ولا يعرف عن الصَّحابة في ذلك خلاف، وأصحاب القولين المتقدّمين لم يبلغهم ما في ذلك من السنَّة عن النَّبيّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لمَّا اجتمع في يومِه عيدان، صلَّى العيد ثمَّ رخَّص في الجمعة، وفي لفظ أنَّه قال: ((أيُّها الناس، إنَّكم قد أصبتم خيرًا، فمَن شاء أن يشهد الجمعة فليشهد، فإنَّا مجمعون)).
وأيضًا: فإنَّه إذا شهِد العيد، حصل مقصود الاجتماع، ثمَّ إنَّه يصلّي الظهر إذا لم يشْهد الجمعة، فتكون الظّهر في وقتها، والعيد يحصل مقصود الجمعة.
وفي إيجابها على النَّاس تضْييق عليهم، وتكدير لمقصود عيدهم، وما سنَّ لهم من السرور فيه والانبساط، فإذا حُبسوا عن ذلك، عاد العيد على مقْصوده بالإبطال، ولأنَّ يوم الجمعة عيد، ويوم الفطر والنحر عيد، ومن شأْن الشَّارع إذا اجتمع عبادتان من جنسٍ واحد، أدْخَل إحْداهما في الأخرى، كما يدخل الوضوء في الغسل، وأحد الغسلين في الآخر، والله أعلم". اهـ.
وعليه، فيرخص لمن شهد صلاة العيد ترك صلاة الجمعة إذا اجتمعا في يوم واحد.
أما مس القرآن الكريم بغير وضوء، فلا يجوز وهو قول جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة، وذهب الحاكم وحماد وداود الظاهري وإن حزم إلى جواز ذلك، ، واستدل الجمهور بما رواه مالك في الموطأ والأثرم والدارقطني عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن النبي- صلى الله عليه وسلم- كتب إلى أهل اليمن كتاباً وكان فيه: ((لا يمس القرآن إلا طاهر)) وهو حديث مرسل إلا أن الأمة تلقته بالقبول.
قال ابن تيمية: قال الإمام أحمد: لا شك أن النبي_ صلى الله عليه وسلم_ كتبه له. وهو أيضاً قول سلمان الفارسي وعبد الله بن عمر وغيرهما، ولا يعلم لهما من الصحابة مخالف اهـ.
وقال النووي (في المجموع )واستدل أصحابنا بالحديث المذكور، وبأنه قول علي وسعد بن أبي وقاص وابن عمر- رضي الله عنهم- ولم يعرف لهم مخالفاً من الصحابة) اهـ
و((لا يمس القرآن إلا طاهر))، فالطاهر لفظة مشترك تشمل الطهارة من الشرك والذنوب والطهارة من النجاسات والأقذار، والطهرة من الحدثين الأصغر والأكبر، والراجح حمل المشترك على جميع معانيه، فيكون لا يمس القرآن إلا مسلم الطاهر من الحدثين، .
قال ابن تيمية: إذا قرأ في المصحف أو اللوح ولم يمسه جاز ذلك، وإن كان على غير طهور.اهـ .
ولكن أن دعت الحاجة إلى مسه جاز حينئذ حتى من الحائض وهو قول محققي مذهب مالك واختار شيخ الإسلام ابن تيمية،، والله أعلم.
- المصدر: