حكم العمل في بناء الكنائس والصالات المختلطة
خالد عبد المنعم الرفاعي
انا مهندس تشطيبات ومطلوب مني أقوم بعمل مشاريع إنشائية فيها إختلاط بين الرجال والنساء ( صالات ألعاب رياضية ) وأيضا كنائس فهل أحاسب على هذا العمل اذا قمت بيه مع العمل أني اعمل موظف في شركة تكلفني بهذا العمل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن الشارع الحكيم حرم الإجارة أو البيع لكل ما كانت منفعته غير جائزة؛ لأن الوسيلة إلي الحرام حرام، فالمنفعة من البيع أو الشراء أو الإجارة لا يكون في حرام على كل حال؛ فلا يجوز للمسلم المشاركة في بناء الكنائس وغيرها من معابد الكفار؛ لما في ذلك من الإعانة الظاهرة على ما هم عليه من باطل، ولرؤية المنكر وإقراره، وعدم إنكاره، وقد وردت أدلة كثيرة تنهى عن الإعانة على المحرم، وتتوعد من أعان على محرم أن له من الإثم مثل ما على المرتكب؛ ومن هذه الأدلة قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2].
ومنها: "لعن النبي - صلى الله عليه وسلم – الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها"؛ رواه أحمد وأبو داود، والعاصر والحامل والساقي إنما هم يعاونون على شربها فقط، وبالرغم من ذلك لُعِنوا؛ لتعاونهم مع شارب الخمر.
ومنها: ما رواه أحمد عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه "، والكاتب والشاهد إنما أعلنا على الربا ولم يأكلانه.
وأيضًا فإن النهي عن النمكر واجب شرعي، والإعانة على الحرام إقرار للمنكر؛ وفي الصحيح عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكراً، فليغيره بيده. فإن لم يستطع، فبلسانه. فإن لم يستطع، فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"؛ رواه مسلم، والإنكار بالقلب يتطلب مفارقة مكان المنكر والبعد عنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم": "وأما مذهب أحمد في الإجارة لعمل ناقوس ونحوه، فقال الآمدي: لا يجوز. رواية واحدة؛ لأن المنفعة المعقود عليها محرمة، وكذلك الإجارة لبناء كنيسة، أو بيعة، أو صومعة، كالإجارة لكتب كتبهم المحرفة".
ومقصود الفقهاء من المنع، ألا يعاونهم المسلم على باطلهم؛ ولذلك مَنعوا من استئجار أوقاف الكنيسة قال ابن تيمية: "وأما استئجار الأرض الموقوفة على الكنيسة، وشراؤه ما يباع للكنيسة، فقد أطلق أحمد المنع أنه لا يستأجرها؛ لا يعينهم على ما هم فيه".
وقد أفتى مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي: بحرمة عمل المسلم لتصاميم معابد شركية، أو الإسهام فيها؛ كما في "مجلة المجمع" العدد الثالث.
وعليه: فلا يجوز العمل في مشاريع إنشائية تعين على معصية الله تعالى، أو الشرك به؛ لأنه يلزم من تحريم الكفر تحريم إنشاء المكان المتخذ له، ومن تحريم المعاصي تحريم العاونة عليها وتسهيلها؛ لأن منفعة الإجارة لابد وأن تكون مباحة،، والله أعلم.