ماذا يفعل من خانته زوجته مع صاحبه
خالد عبد المنعم الرفاعي
فقد ذهب أكْثر أهْل العِلْم إلى المنْع من استِدامة نكاح الزَّانية، الَّتي لم تتب أو التي لم تُظْهِر عليها علامات التوبة، أو ظلَّت باقيةً على حالِها، وأنه يجب على الزوج أن يطلِّقْها ولا خير في إمساك مثلِها .. ولكن إن تابت تلك المرأة توبة صادقة ويظهر ذلك بقرائن الحال والسلوك، ورجعت إلى الله -عز وجل، وتأسفت على ما مضى منها، فلا مانع من إمساكها، لأن زنا أحد الزوجين لا يبطل عقد النكاح.
- التصنيفات: فقه الزواج والطلاق -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واحد صديق لي حكي لي ماذا يفعل بما جرى له وهو انه كان يسجل لامرأته عبر الهاتف وسمع تسجيل صريح منها هي وصديق له انهما علي علاقة وعند مصراحة الزوجة بالموضوع قالت له نعم حصل بيننا كل شيء وانا اندم على هذه الفعله الشنيعه وهو حتى الان لا يعلم كيف يفعل افيدونا افادكم الله
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فقد ذهب أكْثر أهْل العِلْم إلى المنْع من استِدامة نكاح الزَّانية، الَّتي لم تتب أو التي لم تُظْهِر عليها علامات التوبة، أو ظلَّت باقيةً على حالِها، وأنه يجب على الزوج أن يطلِّقْها ولا خير في إمساك مثلِها، لأنَّ الله - عزَّ وجلَّ - إنَّما أباح نكاح العفائِف التي قال الله تعالى فيهم: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}[النساء/34]، وقال تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ المُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} [المائدة: 5]، ولأنها إن كانت مصرة على فعل الفاحشة ولم تتب، كان إمساكها من الدياثة، والله -عز وجل- يقول: {الزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى المُؤْمِنِينَ} [النور: 3]؛ ولأنَّها إذا كانتْ كذلِك، لا يؤْمَن أن تأتِي بولدٍ من الزِّنا، فتُلْحِقه بزوجها، وتورثه مالَه، أو تدنِّس عِرْضَه.
والعفو في تلك الحال لا يندب إليه، ولا خير فيه قط، بل هو شر محض؛ فرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعظم الناس رحمة وعفوًا إلا أن تنتهك حُدُود الله فلا عفوَ حينئذ ولا رحمة؛ ففي الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: "مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ للهِ عَزَّ وَجَلَّ".
ومن تأمل كتاب الله في آيات الزنا علم هذا؛ قال الله تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ } [النور: 2].
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في "مجموع الفتاوى"15 / 287 - 288):
"نَهَى - تَعَالَى - عَمَّا يَأْمُرُ بِهِ الشَّيْطَانُ فِي الْعُقُوبَاتِ عُمُومًا، وَفِي أَمْرِ الْفَوَاحِشِ خُصُوصًا؛ فَإِنَّ هَذَا الْبَابَ مَبْنَاهُ عَلَى الْمَحَبَّةِ، وَالشَّهْوَةِ، وَالرَّأْفَةِ الَّتِي يُزَيِّنُهَا الشَّيْطَانُ، بِانْعِطَافِ الْقُلُوبِ عَلَى أَهْلِ الْفَوَاحِشِ، وَالرَّأْفَةِ بِهِمْ، حَتَّى يَدْخُلَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ بِسَبَبِ هَذِهِ الْآفَةِ فِي الدِّيَاثَةِ، وَقِلَّةِ الْغَيْرَةِ، إذَا رَأَى مَنْ يَهْوَى بَعْضَ الْمُتَّصِلِينَ بِهِ، أَوْ يُعَاشِرُهُ عِشْرَةً مُنْكَرَةً، أَوْ رَأَى لَهُ مَحَبَّةً، أَوْ مَيْلًا، وَصَبَابَةً، وَعِشْقًا، وَلَوْ كَانَ وَلَدَهُ، رَأَفَ بِهِ، وَظَنَّ أَنَّ هَذَا مِنْ رَحْمَةِ الْخَلْقِ، وَلِينِ الْجَانِبِ بِهِمْ، وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ دياثةٌ وَمَهَانَةٌ، وَعَدَمُ دِينٍ، وَضَعْفُ إيمَانٍ، وَإِعَانَةٌ عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، وَتَرْكٌ لِلتَّنَاهِي عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَتَدْخُلُ النَّفْسُ بِهِ فِي الْقِيَادَةِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ الدياثةِ". اهـ.
ولكن إن تابت تلك المرأة توبة صادقة ويظهر ذلك بقرائن الحال والسلوك، ورجعت إلى الله -عز وجل، وتأسفت على ما مضى منها، فلا مانع من إمساكها، لأن زنا أحد الزوجين لا يبطل عقد النكاح،، والله أعلم.