الخوف من الإمامة
خالد عبد المنعم الرفاعي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ثم أما بعد:
فإن الخوف من إمامة الناس في الصلاة هو خوف طبيعي في البداية، ويتغلب عليه بمعرفة أن التوفيق للصلاة بالناس نعمة توجب الشكر، ما دامت قد تحققت فيك شروط الإمامة من حفظ ما تصح الصلاة به من القرآن الكريم ففي الصحيح عن أبي مسعود الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سلما"، وروى البخاري عن عبد الله بن عمر، قال: "لما قدم المهاجرون الأولون العصبة - موضع بقباء - قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة، وكان أكثرهم قرآن".
فلا تستسلم لتلك المخاوف والهواجس واستعن بالله تعالى وأكثر من الدعاء وقراءة القرآن بتدبر، واستحضر عظمة الله تعالى عند القيام للصلاة.
أما خوف الرياء فيدفع بتحقيق أمور منها:
الإخلاص لله تعالى وعدم الاستسلام لهذا الداءِ العُضالِ الذي يفتكُ بالدين ويُحبطُ الأعمالَ ويُعرِّضُ صاحبَه لمقتِ الله، فشمرْ عن ساعدِ الجدِّ في اقتلاعِه وقطعِ مادتِّه وخلعِ لذَّة محمدةِ النَّاس.
ومنها: معرفةِ مضرَّة الرياء وما يفوتُ به من صَلاحِ القلْب وحِرمانِ التَّوفيقِ، فإذا هاجتْ رغبةُ اللَّذَّةِ إلى المحمَدةِ تذَّكرَ ما ينتَظِرُه من عِقابٍ ومقْتِ الجبَّارِ والخِزيٍ الشديدٍ والخُسرانِ وحُبوطِ الأعمالِ، فمن تأمَّل هذا سهُل عليه قطعُ الرياء.
ومنها: أنَّ الإخلاصَ شرطٌ في قَبولِ الأعمالِ يقولُ الله - عزَّ وجلَّ -: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف:110] مع استحضارِ عظمةِ الله، وأنَّ النفعَ والضر بيدِ الله، وليس لأحدٍ تصرُّفٌ في صغيرٍ ولا كبيرٍ حتَّى يَقصدَه بالعملِ أو بشيءٍ منهُ، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأعراف: 194]، وقال تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ المُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر:13-14].
2 - مجاهدةُ النفسِ على الإخلاصِ، فقد قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].
3- العلمُ بخطرِ الرياءِ، فقد حذَّر اللهُ منهُ بقوله: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ} [الزمر: 65].
4 - الاستعانةُ بالدعاءِ أنْ يُحْييَ اللهُ قلبَكَ ويشرحَ صدرَك ويُلْهمَكَ رُشدَك ويكفيَك شرَّ الشيطان وشرَّ نفسِك ويوفقك للإخلاصِ، وبالدعاءِ المأثورِ: "اللهُمَّ إنَّا نعوذُ بكَ من أنْ نُشركَ بكَ شيئًا نعلمُه، ونستغفرُكَ لمِا لا نعلمُه".
هذا؛ والله أعلم.