الهم والتعب والقنوط في شيء واحد وموضوع واحد
فالله تعالى يقبل التوبة من كل من تاب من الشرك وغيره.
والله قلبي يؤلمني ولا استطيع التفكير بشئ في حياتي انا لدي ذنب الردة وفي نفس الوقت انا قد اكون مريض بالإيدز فأقول هناك اختلاف بين العلماء في مسألة القبول لأني مريض بمرض قاتل والإيدز تعبت نقط من رحمة الله افكر في الموت ماذا أفعل ساعدوني؟
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فالله تعالى يقبل التوبة من كل من تاب من الشرك وغيره، وتأمل ما أخبرنا الله تعالى به في كتابه العظيم عن مآل المنافقين وأنهم في أسفل الدركات من العذاب، وأشر الحالات من العقاب، وأنهم تحت سائر الكفار؛ لأنهم شاركوهم بالكفر بالله ومعاداة رسله، وزادوا عليهم المكر والخديعة والتمكن من كثير من أنواع العداوة للمؤمنين، ثم أخبرنا عن قبول توبتهم إذا تابوا؛ فقال سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا } [النساء: 145]، وهذا عام لكل منافق إلا من وفقه الله للتوبة فإنه يرتفع إلى مصاف المؤمنين المعتزين بعزة الله وحده؛ فقال سبحانه: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 146]، ثم أخبر تعالى عن كمال غناه وسعة حلمه ورحمته وإحسانه فقال: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} [النساء: 147]، وهو تعبير يوحي للقلب برحمة الله، واستغنائه سبحانه عن تعذيب خلقه، لو استقاموا على صراطه المستقيم، وشكروا فضله، فله سبحانه كمال الشكر والعلم، ولا حاجة به إلى عقاب من كفر أو نافق لو آمن وشكر.
"نعم! {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ}، إن عذابه لجزاء على الجحود والكفران وتهديد لعله يقود إلى الشكر والإيمان، إنها ليست شهوة التعذيب، ولا رغبة التنكيل ولا التذاذ الآلام، ولا إظهار البطش والسلطان، تعالى الله عن ذلك كله علواً كبيراً، فمتى اتقيتم بالشكر والإيمان فهنالك الغفران والرضوان.
وهناك شكر الله سبحانه لعبده، وعلمه سبحانه بعبده.
وشكر الله سبحانه للعبد، يلمس القلب لمسة رفيقة عميقة، إنه معلوم أن الشكر من الله سبحانه معناه الرضى، ومعناه ما يلازم الرضى من الثواب، ولكن التعبير بأن الله سبحانه شاكر تعبير عميق الإيحاء!
وإذا كان الخالق المنشئ، المنعم المتفضل، الغني عن العالمين يشكر لعباده صلاحهم وإيمانهم وشكرهم وامتنانهم، وهو غني عنهم وعن إيمانهم وعن شكرهم وامتنانهم، إذا كان الخالق المنشئ، المنعم المتفضل، الغني عن العالمين يشكر، فماذا ينبغي للعباد المخلوقين المحدثين المغمورين بنعمة الله تجاه الخالق الرازق المنعم المتفضل الكريم؟!
ألا إنها اللمسة الرفيقة العميقة التي ينتفض لها القلب ويخجل ويستجيب.
ألا إنها الإشارة المنيرة إلى معالم الطريق، الطريق إلى الله الواهب المنعم، الشاكر العليم". قاله صاحب الظلال.
هذا؛ والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: