هل يحاسبني الله على هجري لأخي الذي يقاطعني بدون سبب حقيقي؟
ما دمت تحاولين أن تصِلَيه وهو يقطعك ولا يمكنك، فإن الإثم عليه وحْده.
ياشيخنا الكريم أنا أخت وحيدة لثلاثة أخوة أولاد متزوجين ٢أكبر عمراََ وأخ أصغر وأنا متزوجة ومغتربة من أكثر من ١٠ سنوات وفي الصعيد البنت تعامل على أنها ليست بأهمية الولد وحتقرة إلى حد ما قبل سفري للخارج كان إخوتي بالنسبة لي أغلى شئ بالرغم من أن زوجاتهم مواقفهم معي سيئة للغاية وشخصياتهم ضعيفة أمام زوجاتهم- تحملت الكثير حباََ لهم حتى تزوج والدي وانقلب البيت رأساََ على عقب بسبب النساء ونجحت زوجة أبي في ابعادنا عن بيت والدنا ولم يبقى بالبيت إلا أخ يجهز للإنتقال المهم يا شيخ إن هذا الأخ حصلت بينه وبين والدي مشكله وتفاقمت المشكلة ووصلت لحد خطير واتهامات أخطر منه ومن زوجته في حق والدي وفي أخي الأكبر وقاطع والدي تقريباََ لمدة ٤ سنوات وإلى الآن يقاطع أخي الأكبر والأخطر انه يخوض في عرضه اثناء المشكلة اتصل علي في الغربة يطلب الإستشهاد بي ضد والدي بغرض الإساءة له رفضت فما كان منه إلا أن سبني بأفظع الألفاظ وقاطعني لمدة ٥ سنوات كنت اراسله فيها باستمرار- حفاظاََ على رحمي- واتصل ولا يرد أبداََ أبداََ وأجريت عمليه جراحية من بضعة أشهر وزوجي أجبره على الاتصال بعد محاولات عديدة فما كان منه إلا أنه في اتصاله خيرني بين علاقتي بأخي الأكبر وبينه ولما حاولت اكون محايدة وأصلح ذات البين احتقرني واتهمني بالجبن و سبني وأهانني بأفظع كلام وطلب مني أن أبعد عنه وعن أسرته للأبد وعملي حظر على كل شئ رمضان على الأبواب وأنا حزينة وكرامتي مهانه إلى أقصى درجة لا أريد أن أكون من قاطعي الرحم ولا أملك من أمري شئ ماذا أفعل يا شيخ؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فلا شك أن البر من أعظم القربات، وأوجب الواجبات، كما أن العقوق والقطيعة من أكبر الكبائر وأقبح الذنوب؛ والأدلة على هذا أشهر من أن تذكر ويعلمها الكبير والصغير، وستجدين على موقعنا فتاوى واستشارات كثيرة في ذلك.
فابذلي ما في وسعك لتصلي رحمك، وكلما أغلق أحدهما الباب في وجهك، فابحثي عن وسيلة أخرى وهكذا، محتسبة الأجر الجزيل عند الله تعالى، ففي الصحيح عن أبي هريرة، أن رجلاً قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: "لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك".
قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (16/ 115):
"المَل: الرماد الحار، والظهير المعين والدافع لأذاهم، وقوله أُحلم عنهم ويجهلون أي يسيئون، والجهل هنا القبيح من القول، ومعناه كأنما تطعمهم الرماد الحار، وهو تشبيه لما يلحقهم من الألم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شيء على هذا المحسن بل ينالهم الإثم العظيم في قطيعته وإدخالهم الأذى عليه، وقيل معناه إنك بالإحسان إليهم تخزيهم وتحقرهم في أنفسهم لكثرة إحسانك وقبيح فعلهم، من الخزي والحقارة عند أنفسهم كمن يُسِفّ المل، وقيل ذلك الذي يأكلونه من إحسانك كالمل يحرق أحشاءهم". اهـ.
ولكن إن وصلت لحد لا تتمكنين فيه من صلتهم لعدم تمكينهم لكِ من صلتهم، فلا وزر عليك حينئذ وإنما يقع الذنب عليهم؛ فهم من قطع الرحم وليس أنت؛ قال الله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 22، 23].
ولأن من رحمة الله تعالى أنه لا يكلفنا فوق طاقتنا وإنما يكلفنا ما في وسعنا، فلو أن صاحب الرحم منع قريبه من صلته فلا حيلة له حينئذ، والأعمال بالنيات والله تعالى هو مطلع على سرائر النفوس، وأخوك هو القاطع للرَّحم؛ وقد قال الله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ } [محمد: 22، 23].
وعليه، فما دمت تحاولين أن تصِلَيه وهو يقطعك ولا يمكنك، فإن الإثم عليه وحْده،، والله أعلم.
- المصدر: