هل لي من توبه من نشر صوره
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فالتوبة من أجل وأحب الطاعات إلى الله تعالى، وهو سبحانه يفرح بتوبة عبده أعظم من فرح الواجد لراحلته في الأرض المهلكة، بعد اليأس منها، كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة.
فإن من سعة رحمة رب العالمين أن جعل سبيل التوبة مفتوح دائمًا لكل من قصده، وفر إلى سيده، وجد في الهرب إليه منطرحًا على بابه متضرعًا متذللاً، خاشعًا باكيًا آسفا، متذكرا عطف الله وبره ولطفه ورحمته، ورأفته وإحسانه وجوده وكرمه، مع غناه وقدرته..
وقال تعالى: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة:39]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً} [التحريم:8]، وقال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور:31]، وقال: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [الزمر: 53].
ولكن من شروط التوبة النصوح رد المظالم والحقوق إلى أهلها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء، فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم؛ إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه؛ فحمل عليه"؛ أخرجه البخاري.
إذا تقرر هذا، فيجب عليك إزالة تلك الصور إن كان ذلك ممكنًا، فإن لم تتمكن فاطلب الصفح من تلك الفتاة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول على شاتم الرسول (ص: 493)
"أن صحة التوبة فيما بينه وبين الله لا تسقط حقوق العباد من العقوبة المشروعة في الدنيا؛ فإن من تاب من قتل أو قذف أو قطع طريق، أو غير ذلك فيما بينه وبين الله: فإن ذلك لا يسقط حقوق العباد من القود وحد القذف وضمان المال، وهذا السب فيه حق لآدمي فإن كانت التوبة يغفر له بها ذنبه المتعلق بحق الله وحق عباده، فإن ذلك لا يوجب سقوط حقوق العباد من العقوبة".
هذا؛ والله أعلم.
- المصدر: