قراءة القرآن الكريم في وقت الطمث
خالد عبد المنعم الرفاعي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز للحائض أن تقرأ القرآن الكريم ولكن دون أن تمس المصحف، وقد أجازت طائفة من السلف قراءة القرآن للجنب وهو أسوأ حالاً من الحائض؛ لأنه يمكنه إزالة عذره بخلاف الحائض؛ قال البخاري في الصحيح: ولم ير ابن عباس بالقراءة للجنب بأسًا، وذكر ابن حزم في المحلى أن ربيعة قال: لا بأس أن يقرأ الجنب القرآن. وذكر أن سعيد بن المسيب سئل عن الجنب هل يقرأ القرآن؟ فقال: وكيف لا يقرؤه وهو في جوفه. واستدلوا باستصحاب حكم البراءة الأصلية، ولم يصح في نهي الحائض عن قراءة القرآن شيء.
وممن قال بإباحة القراءة لها مالك وهو رواية عن أحمد وأحد قول للشافعي، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، بل أجازوا لها مسّ المصحف إن دعت الحاجة إلى ذلك، وهو قول محققي المالكية واختار شيخ الإسلام ابن تيمية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (21/ 460-461)
"ويجوز للحائض إما مطلقًا أو إذا خافت النسيان، وهو مذهب مالك، وقول في مذهب أحمد وغيره، فإن قراءة الحائض القرآن لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء، غير الحديث المروي عن إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر: "لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئا"؛ رواه أبو داود وغيره، وهو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث، وإسماعيل بن عياش ما يرويه عن الحجازيين أحاديث ضعيفة؛ بخلاف روايته عن الشاميين ولم يرو هذا عن نافع أحد من الثقات، ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يكن ينهاهن عن قراءة القرآن، كما لم يكن ينهاهن عن الذكر والدعاء، بل أمر الحيض أن يخرجن يوم العيد فيكبرون بتكبير المسلمين،وأمر الحائض أن تقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت: تلبي وهي حائض، وكذلك بمزدلفة ومنى وغير ذلك من المشاعر... المقصود أن الشارع أمر الحائض أمر إيجاب أو استحباب بذكر الله ودعائه مع كراهة ذلك للجنب، فعلم أن الحائض يرخص لها فيما لا يرخص للجنب فيه؛ لأجل العذر، وإن كانت عدتها أغلظ فكذلك قراءة القرآن لم ينهها الشارع عن ذلك.
وإن قيل: إنه نهى الجنب لأن الجنب يمكنه أن يتطهر ويقرأ بخلاف الحائض؛ تبقى حائضًا أيامًا فيفوتها قراءة القرآن تفويت عبادة تحتاج إليها مع عجزها عن الطهارة، وليست القراءة كالصلاة" اهـ. مختصرًا.
هذا؛ والله أعلم .