هل يجب الفطر للمريض الذي يتحقق الهلاك

منذ 2019-05-11
السؤال:

والدى مريض سكر وللأسف السكر مأثر على الكلى واكتر من دكتور قاله ممنوع الصيام تماما لكنه معاند وبيصوم والكلى اتأثرت بزيادة نتيجة انه بيعطش لساعات طويلة عايزة فتوى بأن اللى بيعمله ده حرام وهيأثم عليه

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

المريض الذي يَلحقها ضرر بسبب الصيام، أو يزداد مرضه، أو يشق معه الصوم، أو تخشى زيادته، أو تباطؤ برئه بالصوم، فإنه يفطر؛ وتقدير ذلك إلى المريض نفسه، أو إخبار الطبيب؛ قال الله تعالى {مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } [البقرة: 184]، وقوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173]، وقال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195].

وقد نصّ الأئمة على ذلك ومنهم وقال الطبرى فى تفسيره، الجصاص فى أحكام القرآن، والكمال فى الفتح، والكاسانى فى البدائع، وغيرهم من الأئمة.
أما المريض الذي يخشى الهلاك فيجب عليه الفطر كما نصّ عليه الغزالي في "المستصفى" والجرجاني في "التحرير"، 
وقال الغزالي: " إن صام، فيحتمل أن يقال: لا ينعقد؛ لأنه عاص به فكيف يتعرف بما يقضى به، ويحتمل أن يقال إنما عصى بجنايته على الروح التي هي حق الله تعالى فيكون كالمصلي في الدار المغصوبة.

والشارعُ الحكيم نهانا عن إهلاك أنفسنا؛ فقال: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29]، وقد استدل بتلك الآية الكريمة الصحابيُّ الجليل عمرو بن العاص على تَرْك الغسل لما احتلم في بعض أسفاره وخاف الهلاك على نفسه مِن الاغتسال، فتَيَمَّم وصلى بأصحابه، وأقره النبيُّ صلى الله عليه وسلم.

قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (3/ 155)-: "أجْمَع أهلُ العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة، والأصل فيه قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184]، والمرضُ المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم، أو يخشى تباطؤ بُرئه.

قيل لأحمد متى يفطر المريض؟ قال: إذا لم يستطع، قيل: مثل الحمى؟ قال وأي مرض أشد من الحمى".اهـ.

وقال الإمام النووي في – "المجموع شرح المهذب" (6/ 258)-:

"المريض العاجز عن الصوم لمرض يرجى زواله، لا يلزمه الصوم في الحال، ويلزمه القضاء، هذا إذا لحقه مشقة ظاهرة بالصوم، ولا يشترط أن ينتهي إلى حالة لا يمكنه فيها الصوم، بل قال أصحابنا: شرط إباحة الفطر، أن يلحقه بالصوم مشقة يشق احتمالها، قال أصحابنا: وأما المرض اليسير الذي لا يلحق به مشقة ظاهرة، لم يجز له الفطر بلا خلاف عندنا". اهـ. مختصرًا.

وعليه فإن كان الحال كما ذُكر، فيجب على الوالد الفطر لتحقق الضرر، وليطعم عن كل يوم مسكين،، والله أعلم. 

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 3
  • 0
  • 13,742

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً