حكم السب في نهار رمضان
خالد عبد المنعم الرفاعي
سببت اليوم في نهار رمضان ونظرت إلى الفتيات معي في المدرسة وبخاصة فأنا أشعر بجانب الحب لواحدة منهم فعندما أراها لا أستطيع أن اغض بصري عن وجهها هل في هذه الحالة قد أفطرت أفيدوني أفادكم الله
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فمما لا شك فيه أن الصيام ليس إمساك عن الأكل والشرب فقط، وإنما هو صيام لجميع الجوارح عن الحرام؛ ففي الصَّحيحين: "إنَّما الصَّوم جُنَّةٌ، فإذا كان أحدُكم صائمًا فلا يَرفُثْ ولا يَجهل، وإنِ امرؤ قاتَلَه أو شاتمَه، فليقلْ: إنِّي صائم، إنِّي صائم".
والمراد بالرَّفَث: الكلام الفاحِش، ويُطْلق على الجِماع وعلى مقدِّماته، وعلى ذكْره مع النساء، ورؤية الفاحشة أوْلى وأحْرى.
وكذلك قولُه: ((ولا يَجهل))؛ أي: لا يفعل شيئًا من أفْعال أهل الجهْل، ومن أجهل الجهل مشاهدة تلك البلايا المفسدة للدين والدنيا، والمذهبة للحياء.
وروى البُخاريُّ عن أبي هُرَيرة - رضي الله عنه - عنِ النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: "مَن لَم يدع قولَ الزُّور والعمل به والجهْل، فليس لله حاجةٌ أن يدَع طعامَه وشرابه".
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح": "قال البيضاوي: ليس المقْصود من شرعيَّة الصَّوم نفس الجوع والعطش؛ بل ما يتْبعه من كسْر الشَّهوات، وتطْويع النَّفس الأمَّارة للنَّفس المطمئنَّة، فإذا لم يَحصل ذلك، لا ينظر الله إليْه نظر القبول، فقوله: "ليس لله حاجة"، مجاز عن عدَم القبول، فنفى السببَ وأراد المسبِّب". اهـ.
فالسب والنظر للفتيات من المحرمات، وتزداد خبثًا وسوءًا إذا كانت في رمضان؛ لما في ذلك من انتِهاك حرمة الشَّهر، ومنافاة المقْصود من الصَّوم، وهو تقْوى الله - سبحانه وتعالى - كما قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183].
وقال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: "رُبَّ صائمٍ ليس له من صيامه إلاَّ الجوعُ، ورُبَّ قائمٍ ليس له من قيامه إلاَّ السَّهرُ"؛ رواه النسائي في الكبرى، وابن ماجه عن أبي هريرة.
دلاٌّ على أنَّ فعل بعض المحرَّمات تنقص الصَّوم، وذكرُ النَّبيُّ لهذِه المحرَّمات المنهيِّ عنْها مطلقًا دلالةٌ على زيادةِ قُبحها في الصَّوم، ولينبِّه ويحثّ على سلامة الصَّوم عنها.
وما ذكرناه هو الثابت المنقول عن الصحابة – رضي الله عنهم - قال عمر بن الخطَّاب: "ليس الصّيام من الشَّراب والطَّعام وحده، ولكنه من الكذِب والباطل واللَّغو".
وقال جابر بن عبدالله: "إذا صُمتَ، فَلْيَصُمْ سمعُك وبصرُك ولسانُك عنِ الكذِب والمآثم، وَدَع أذَى الخادم، وليَكُن عليْكَ وَقارٌ وَسكينةٌ يَوْمَ صيامِك، ولا تَجعل يوم فِطرِكَ ويوم صيامك سواءً".
وقال أبو ذَرٍّ: "إذا صُمْتَ، فَتَحَفَّظْ ما استطعت"، فكان طليقٌ إذا كان يوم صيامِه دَخَلَ فَلَمْ يخرُجْ إلاَّ إلى صلاة؛ رواها ابن أبي شيبة في "المصنّف".
إذا تقرر هذا فيجب عليك التَّوبة النصوح إلى الله تعالى، مع العزم على عدم العود والندم على تلك الأفعال، والإكثار من الاستغفار والأعمال الصالحة.
أما حكم الصِيام فصحيح ؛ لأن الفسق لا يبطل الصيام، والسب من الكبائر، والنظر للفتيات من الصغائر،، والله علم.