ماذا افعل اتزوج بها ام لا
كنت خاطب واحده وبعدين حصل زنا ولكن لم تفقد عزريتها والمفروض اننا بنحب بعض بس هيا متبرجه ف لبسها ومكياجها وحمالها عادي ومش ذات حسب ونسب والمهم اننا بيحصل مبينا مشاكل كتير بسبب اختلاف وجهات النظر وانا مكنتش قادر اكمل الخطوبه ففسخت وتركت الذهب اللي جبته ف الخطوبه كهديه لها ولكن امها وانا بقولها كل شيئ قسمه ونصيب قالتلي ملكش حاجه عندي والموضوع ده عمل مشاكل عند اهلي واخدوا فكره ان الناس دي بتاكل حقوق الناس زي معملوا قبل كده في ميراث والد خطيبتي حصل انهم اخدوا ميراث اعمامهم ولم يعطوا لهم شيئ بحجه انهم بنات وليس معهم احد واعمامعم لم يسالو عليً والدهم لما توفي المهم اني فكرت اني ارجع لخطيبتي ليس لسبب الا لاني زنيت بها وحسيت اني لو تركتها لاحد غيري يلمسها ف الله لن يباركلي ف حيااتي بسبب ذلك ولكني لست مقتنع باي سبب اخر يجعلني ارجع الخطوبه غير هذا السبب ولكن اهلي غير موافقين ومع العلم انها اتقري فتحتها ولكن والدتها كلمتني وقالتلي لو عايزها تعالي واتقدم تاني ارجو النصيحه واسف ع الاطاله
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فلا شك أن خطيئة الزنا من أكبر الكبائر، وأقبح الذنوب، وقد استقر فحشه في العقول والفطر، وقد حذَّرَنا الله تعالى عن مقاربته أسبابه ودواعيه؛ فقال سبحانه: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} [الإسراء:32].
ورهب رسول الله من قربانه فذكر صفة عذابهم في البَرزخ؛ حتَّى تقومَ السَّاعة - نسأل الله العافية، كما رواه البُخاريّ في حديث المِعراج أن النبي – "رأى رجالاً ونساءً عُراةً على بناءٍ شبه التنّور، أسفله واسع، وأعلاه ضيّق، يوقَد عليهم بنارٍ من تَحتِه، فإذا أوقدت النَّار ارْتَفعوا وصاحوا، فإذا خَبَتْ عادوا، فلمَّا سأل عنهم؟ أُخْبِر أنَّهم هم الزّناة والزَّواني". فيجب عليك المسارعة إلى الله عز وجل بالتوبة النصوح، والاستفغار والندم على ما كان والعزم على عدم الرجوع، فكل من تاب إلى الله، غَفَرَ الله له؛ كما قال سبحانه وتعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [الشورى:25]، وقال سبحانه وتعالى بعدما تَوَعَّد من ارتكب أكبر الكبائر: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الفرقان:70].
وإذا علم الله صدق التائب، تاب عليه، وغفر له ذنبه، ومحا خطيئته، قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]
أما الزواج من تلك الفتاة فلا حرج منه بشرط أن تتوبا إلى الله تعالى، وقد اختلف أهل العلم في ذلك، والراجح مذهب الإمام أحمد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: "نكاح الزانية حرام حتى تتوب، سواء كان زنى بها هو أو غيره، هذا هو الصواب بلا ريب، وهو مذهب طائفة من السلف والخلف، منهم أحمد بن حنبل وغيره، وذهب كثير من السلف إلى جوازه، وهو قول الثلاثة".اهـ.
ولكن إن لم تكن تلك الفتاة تابت، أو لم يظهر عليها آثار التوبة وصدق العودة إلى الله، فلا يجوز لك الرجوع إليها؛ لأن الشارع الحكيم جعل الدين والخلق هما معيار اختيار الزوجة، ورغب في الظفر بصاحبة الدِّين؛ فقال رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - فيما رواه الشَّيخان عن أبي هُرَيرة، رضي الله عنه -: "فاظْفَر بذات الدِّين ترِبَتْ يداك"، وقال: "المَرْأة تُنْكَح على دينِها ومالِها وجَمالها، فعليْك بذات الدين ترِبت يداك"؛ رواه مسلم عن جابر.
والظَّفر في اللغة: هو نِهاية المطْلوب وغاية البُغْية؛ أي أنَّ "اللاَّئق بذي الدين والمروءة أن يكون الدِّين مطمح نظرِه في كلِّ شيْءٍ، لاسيَّما فيما تطول صحبتُه، فأمره النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - بتحْصيل صاحبةِ الدِّين، الذي هو غاية البغية"، قاله الحافِظ ابنُ حجر في فتح الباري.
والسبب في هذا، خطورة الزواج في الإسلام، حتى رفع الله درجته لمرتبة الطاعات، فأحيانا يكون واجبًا أو مستحبًا.
ومن تأمل الآيات الكريمات في شأن الزواج أدرك تلك الحكمة؛ قال الله تعالى {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32]، قوله:{فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34]، وقوله: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}، وقوله: [البقرة: 187] وقوله:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21] وقوله:{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا} [النحل: 80]، وقوله:{وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 21]. وعلى النقيض ذكر الله صفات أهل الفجور والزنا في الزواج فقال سبحانه: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3]، وقوله:: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } [النور: 26].
إذا تقرر هذا؛ فإن كانت خطيبتك السابقة مازالت على الحال الذي ذكرتها في السؤال، فلا ترجع إليها؛ وليس هذا تخليًا عنها ما دمت لم تكرهها، فأنتما شركاء في الإثم، ولتبحث عن فتاة متدينة من أسرة طيبة، فاللائق بذي الدين والمروءة أن يكون الدين مطمح نظره في كل شيء، لا سيما فيما تطول صحبته؛ ولذلك كان أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتحصيل صاحبة الدين الذي هو غاية البغية، ولتصلح ما بينك وبين الله تعالى حتى تكون لائقًا أيضًا بالفتاة المتدينة،، والله تعالى أعلم.
- المصدر: