زواج ثيب بدون ولي
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انا مقيم باحدي الدول العربية واريد الزواج من فتاة مغربية مطلقة (زواج مسيار )مقيمة معي بنفس الدولة ولكنها ترغب الزواج بدون موافقة اهلها لانهم سيرفضون . هل يجوز حسب مذهب الامام ابي حنيفة النعمان المتبع في مصر ان تزوجني نفسها بدون ولي . مع تنفيذ كل اركان الزواج الاخري من شهود ومهر ؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فالشريعة الإسلامية لم تفرق بين البكر والثيب في اشتراط الولي لصحة، فلا يَجوز لِلمرأة أن تُزَوِّج نفسَها، وإذا وقع الزواج بغير ولي، فالزواج باطل؛ لتخلف أحد شروط الزواج؛ قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا نِكاحَ إلا بوليٍّ"؛ رواه أبو داودَ، والتِّرمذي، وابنُ ماجه، من حديث أبي موسى الأشْعريِّ.
وقال - صلى الله عليه وسلم- : "أَيَّما امْرأَةٍ نُكِحَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِا؛ فَنِكاحُها باطِلٌ، فَإِنْ دَخَلَ بها فَلَها المَهْرُ بِما اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنِ اشْتَجَروا، فالسُّلْطانُ وَلِيُّ مَنْ لا وَلِيَّ لَهُ"؛ أَخْرَجَهُ أَبو داوُد والتِّرمِذِيُّ وابْنُ ماجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبّان وابْنُ مَعِين والحاكِمُ وغيْرُهُم.
ورَوَى ابنُ ماجهْ عَن أَبِي هُريرةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "لا تُزَوِّجُ المرأةُ المرأةَ، ولا تُزَوِّجُ المرأةُ نفسَها؛ فَإِنَّ الزَّانِيةَ هِي الَّتِي تُزوِّجُ نفسَها".
وأيضًا فإن الله تعالى نهي أولياء المرأة المطلقة من منعها من الزواج إن رعبت في الزواج؛ قال الله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 232]، والآية نص صريح في اشتراط في النكاح، لأنه نهى الأولياء عن العضل، ولا ينهاهم إلا عن أمر، هو تحت تدبيرهم ولهم فيه حق.
يبين هذا سبب نزول الآية كما في صحيح البخاري عن معقل بن يسار، أنها نزلت فيه، قال: "زوجت أختًا لي من رجل فطلقها، حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها، فقلت له: زوجتك وفرشتك وأكرمتك، فطلقتها، ثم جئت تخطبها، لا والله لا تعود إليك أبدا، وكان رجلا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله هذه الآية: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232]، فقلت: الآن أفعل يا رسول الله، قال: فزوجها إياه".
أيضًا فإن عدم معرفة أهل المرأة بالزواج، يجعله زواجَ سرٍّ حتى مع وجود الشُّهود؛ كما قرره الإمامُ ابنُ القيِّم في كتابه "إغاثة اللَّهفان" فقال: "وشرَط في النِّكاح شروطًا زائدةً على مُجرَّد العَقْد، فقَطَعَ عنه شَبَهَ بعْضِ أنواعِ السِّفاحِ بِهِ؛ كاشتِراطِ إعلانِهِ؛ إمَّا بِالشَّهادَةِ، أوْ بِتَرْك الكِتْمَانِ، أَوْ بِهِمَا، واشتِراطِ الولِيِّ، وَمَنَعَ المرْأَةَ أَن تَلِيَهُ، وَنَدَبَ إِلَى إِظْهَارِهِ حَتَّى اسْتَحَبَّ فِيهِ الدُّفَّ، والصَّوْتَ، والوَلِيمَةَ، وَأَوْجَبَ فِيهِ المَهْرَ".
أما قوله صلى الله عليه وسلم: "الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر، وإذنها سكوتها"؛ رواه مسلم عن ابن عباس، ومثله في الصحيحين عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن"، فليس معناه أن الثيب تزوج نفسها، وإنما المعنى أنها تطلب من ولي الزواج إن احتاجت لذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (32/ 25) شارح للحديث السابق: " فذكر في هذه لفظ "الإذن"، وفي هذه لفظ "الأمر"، وجعل إذن هذه الصمات؛ كما أن إذن تلك النطق، فهذان هما الفرقان اللذان فرق بهما النبي صلى الله عليه وسلم بين البكر والثيب؛ لم يفرق بينهما في الإجبار وعدم الإجبار؛ وذلك لأن: "البكر" لما كانت تستحي أن تتكلم في أمر نكاحها لم تخطب إلى نفسها؛ بل تخطب إلى وليها، ووليها يستأذنها فتأذن له؛ لا تأمره ابتداء: بل تأذن له إذا استأذنها، وإذنها صماتها، وأما الثيب فقد زال عنها حياء البكر فتتكلم بالنكاح، فتخطب إلى نفسها وتأمر الولي أن يزوجها، فهي آمرة له وعليه أن يعطيها فيزوجها من الكفء إذا أمرته بذلك؛ فالولي مأمور من جهة الثيب، ومستأذن للبكر فهذا هو الذي دل عليه كلام النبي صلى الله عليه وسلم".
وعليه؛ فلا يجوز لك الزواج من تلك المرأة بدون ولي، وقول الحمهو هو الراجح لما ذكرناه من أدله، وقول الحنفية غير صحيح،، والله أعهلم.