حكم التزام عدد معين من الذكر في وقت معين
هل لو امرني شخص بالذكر بعدد معين في وقت معين وكل فترة يزيدني في عدد الذكر يسمى هذا بدعة
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالذِّكْرُ من أعظم العبادات، التي يلزم فيه اتِّباع سنة النبي- صلى الله عليه وسلم - والتزام أوراد أمر حَسَنٌ إذا لم يتخذ سُنَّةً راتبةً، وقد بين هذا شيخ الإسلام ابن تيمة فقال: "أما محافظة الإنسان على أورادٍ لـه من الصلاة، أو القراءة، أو الذِّكْر، أو الدعاء طَرَفَي النهار وزلفاً من الليل، وغير ذلك؛ فهذا سُنَّة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - والصالحين من عباد الله قديمًا وحديثًا، فما سُنَّ عَمَلُهُ على وجه الاجتماع - كالمكتوبات - فُعِلَ كذلك، وما سُنَّ المداومة عليه على وجه الانفراد من الأوراد؛ عُمِلَ كذلك".
ومن المقرر عند أهل العلم أن إحداث كيفيَّاتٍ وقيودٍ معينة للذِّكْر لم تَرِد في الشريعة، كالذِّكْر بصوتٍ واحدٍ، أو في توقيت العبادة، أو مكانها، أو حال صاحبها، أو كيفيتها؛ فهذه القيود من البدع، ولذلك من التزم عدد معين من الذكر، لا يداوم عليها؛ لأن هذا لا يكون إلا لسنة النبي- صلى الله عليه وسلم.
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى": "الاجتماع لذِكْر الله، واستماع كتابه، والدعاء، عملٌ صالحٌ، وهو من أفضل القُرُبات والعبادات في الأوقات ... لكن ينبغي أن يكون هذا - أحياناً - في بعض الأوقات والأمكنة؛ فلا يُجْعَل سُنَّةً راتبةً يُحافظ عليها إلا ما سنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المداومة عليه في الجماعات؛ من الصلوات الخمس في الجماعات، ومن الجُمُعات والأعياد .. ونحو ذلك".
وقال: "لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على التوقيف والاتِّباع، لا على الهوى والابتداع، فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحرَّاه المتحرِّي من الذِّكْر والدعاء، وسالكها على سبيل أمان وسلامة"
وقال: "ليس لأحد أن يسنَّ للناس نوعاً من الأذكار والأدعية غير المسنون، ويجعلها عبادةً راتبةً، يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس؛ بل هذا ابتداعُ دينٍ لم يأذن الله به"
وعليه؛ فلا يجوز الالتزام بعدد معين من الذكر في وقت معين وكل فترة يزيدني، فهذا بلا شك من البدع الإضافية؛ لمضاهاته لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم،، والله تعالى أعلم.
- المصدر: