من خص أحد أبتائه بعطية هل تدخل في الميراث
خالد عبد المنعم الرفاعي
توفى والد صديقي وعنده أرض وكان في حياته قد تنازل عنها لابنه الكبير ليعوضه عن خسارته المالية دون استئذان بقية أبنائه، ما الحكم الشرعي هنا؟ هل تعتبر هذه الأرض ملكا للابن الكبير أم لا بد من اعتبارها من ضمن التركة للورثة؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد دلت الشريعة المطهرة وجوبُ العدْل بين الأبْناء في العطيَّة، وأنَّه لا يَجوز تفْضيل أحد الأبناء على بعض في الهبة.
وقد نصّ الفقهاء على وجوب العدل، وهو مذهب الحنابلة، وأبي يوسف من الحنفيَّة، وهو قول ابن المبارك، وطاوس، وهو رواية عن الإمام مالكٍ - رحمه الله - قالوا بِوجوب التَّسوية بين الأوْلاد في الهبة.
وهو الرَّاجح؛ لما ثبت في الصَّحيحَين وغيرِهِما: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال لبشير - لمَّا جاءَه ليُشْهِده على موهبة وهبَها لابنِه النُّعمان - قال له: "يا بشيرُ، ألك ولد سوى هذا؟" قال: نعم، فقال: "أكلّهم وهبتَ له مثل هذا؟" قال: لا، فقال: "فلا تُشْهِدني إذًا؛ فإنِّي لا أشهَد على جوْر"، وفي روايةٍ أنَّه قال له: "أيسرُّك أن يكونوا إليْك في البرِّ سواء؟" قال: بلى، قال: "فلا إذًا".
إذا تقرر هذا فالواجب على هذا الأخ أن يشرك معه إخوته في قطعة الأرض، فتوزع بينهما بالسوية، أو ترد إلى الميراث، فيرث منها جميع الأبناء، وفقًا لنصيبه الشرعي.
قال ابن قدامة في "المغني": "فإن خصَّ بعضَهم بعطيَّة أو فاضَلَ بيْنهم، أثِم، ووجبتْ عليه التَّوبة بأحد أمريْن: إمَّا بردِّ ما فضَّل به البعض، وإمَّا إتْمام نصيب الآخر".
ولا شك أن هذا أبرأ لذمة الوالد، فقد أفضى إلى ما قدم من عمل من خير أو شر،، والله أعلم.