هل لزوجي حق فى تكلفة بناء الشقة بالقيمة الحالية ام لا
عقار ملك أبي كان بة شقة مؤجرة ايجارا دائما واحتاج أبي مالا ليعطية للمؤجرة لتترك الشقة فقلت لزوجي فقال اعطية 40 الف جنية على يكتب ورقة لنا تقول بأننا بنينا هذة الشقة على نفقتنا حيث ان اختى قامت ببناء شقة فى نفس التوقيت فى نفس العقار ودفعت 42 الف جنية لبناء الشقة وتشطيبها بالكامل وكذلك اثنين من اخوتي الذكور كل منهم بنا شقة لة بنفس العقار وكانت تكلفة البناء بالتشطيب تقريبا ما يقرب من هذا المبلغ فطلبت من أبي ان هذا الطلب فوافق وقال اكتب لكي الشقة قلت لة لا اريد فقط تكتب لي ورقة بأني بنيت الشقة على نفقتي وبعد ان اخذ المال واعطا نصف المبلغ للمؤجرة واخذ النصف الاخر وخرجت من الشقة غير ابي اتفاقة وقال سأكتب اني اخذت المال علي سبيل السلف والدين اعترض زوجي قال ابي اني اخطأت حتى اتفقت معكي هذا الاتفاق وبعض حدوث مشاكل وقع زوجي على الورقة كشاهد على اني اعطيت ابي المبلغ علي سبيل السلف ثم مات ابي واخي رجل دين قال ليس لكم الا 40 الف جنية حيث ان ابي لم يتفق مع زوجك واتفق معكي انتى ومن حقة ان ميز احد ابنائة بعطية او هبة ان يرجع فيها وبالتالي الاتفاق لاغي ولا اثم على ابي كما ان زوجك وقع على الورقة فقال لة زوجي انك تعلم انى اعطيب المال لابيك وان ابيك اخل بالاتفاق وقد وقعت مضطرا منعا للمشاكل ولكبر سن ابيك واني لن اسامحك ولن اسامح ابيك فارجو منكم ان تفيدوني
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:
إن كان الحال كما ذكرت الأخت السائلة: أن الوالد قد أخذ المال من الزوج مقابل أن يبيع ما يساوي بناء الشقة وتشطيبها، وهو جزء من الشقة يقدر بثلثي ثمنها، أو نصفها، حسب العرف السائد، والثلث الآخر أو النصف في مقابل حصة الشقة من العقار، إذا كان الأمر كذلك فالبيع صحيح، ولا يملك والدك الرجوع فيه؛ لأن البيع يلزم بقبض أحد العوضين بإجماع العلماء، ومن ثم فرجوع والدك في اتفاقه لا يفسخ البيع حتى يقيله زوجك من البيع.
فإن كان توقيع زوجك كشاهد على أن المال دفع علي سبيل السلف، إقالةً منه لوالدك عن شراء الحصة من الشقة، فليس له حق في المطالبة بالشقة، وإن قال إنه كان مضطرًا لفعل هذا حفاظًا على بيته، فلا يعتر حينئذ توقيعه نكولاً عن الشراء؛ لانعدام القصد بسبب الاضطرار، غير أنه هذا الكلام يطبق ديانة وليس قضاء، بمعنى أن توقيعه على ورقة الدين دليل على نقض البيع، ودعوى الاضطرار تحتاج لدليل.
أما قول أخيك إن من حق والدك الرجوع في كلامه إلى... آخره، فهو خطأ محض، والكلام اشتمل على خطأين، الأول أن ما تم مع الوالد ليس هبة حتى يقال إن له الرجوع فيها، وإنما هو بيع، والبيع يتم بقبض أحد العوضين ومغادرة مجلس البيع، ثم إن الأمر ليس متعلقًا بك فقط وإنما زوجك طرف فيه كما هو ظاهر.
وعلى فرض أنه هبة فليس للوالد الرجوع؛ لأنه أعطى بقية الأبناء مثله فلا يجوز له الرجوع عن هبة بعضهم؛ كما حرره شيخ الإسلام ابن تيمية فقال في "المستدرك على مجموع الفتاوى" (4/ 111): " فإن فَضَّل - حيث منعناه - فعليه التسوية أو الرد، وينبغي أن يكون على الفور، وإذا سوى بين أولاده في العطاء فليس له أن يرجع في عطية بعضهم". اهـ.
الخطأ الثاني: قوله إن للوالد تفضيل أحد أبنائه بالعطية ليس على إطلاقه؛ لأن السنة دلت على العدل بين الأبناء في الهبة، ففي الصَّحيحَين وغيرِهِما: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال لبشير - لمَّا جاءَه ليُشْهِده على موهبة وهبَها لابنِه النُّعمان - قال له: "يا بشيرُ، ألك ولد سوى هذا؟" قال: نعم، فقال: "أكلّهم وهبتَ له مثل هذا؟" قال: لا، فقال: "فلا تُشْهِدني إذًا؛ فإنِّي لا أشهَد على جوْر"، وفي روايةٍ أنَّه قال له: "أيسرُّك أن يكونوا إليْك في البرِّ سواء؟" قال: بلى، قال: "فلا إذًا".
إذا تقرر هذا؛ فالواجب على إخوتك قبل تقسيم الميراث أن يردوا ما أخذوا من الوالد، أو يحسب ما أحذوه من حصتهم في الميراث من الوالد، أو تأخذي مثلهم، كما سبق في كلام شيخ الإسلام وسيأتي زيادة له.
وقال ابن قدامة في "المغني": "فإن خصَّ بعضَهم بعطيَّة أو فاضَلَ بيْنهم، أثِم، ووجبتْ عليه التَّوبة بأحد أمريْن: إمَّا بردِّ ما فضَّل به البعض، وإمَّا إتْمام نصيب الآخر".
أمَّا إن كان من الأبناء ما يحتاج لتَّفضيله في الهبه، فقد نصّ أهل العلم أنه يفضِّل بقدر حاجتِه، كما في "الكافي في فقه الإمام أحمد" (2/ 260):
"فإن خص بعض ولده لغرض صحيح، من زيادة حاجة، أو عائلة، أو اشتغاله بعلم، أو لفسق الآخر وبدعته، فقد روي عن أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يدل على جوازه، لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف: لا بأس به إذا كان في سبيل الحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة؛ ووجه ذلك، ما روي أن أبا بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال لعائشة: كنت قد نحلتك جذاذ عشرين وسقاً، ووددت أنك حزتيه، وإنما هو اليوم مال الوارث، وإنما هما أخواك وأختاك. ويحتمل المنع، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يستفصل بشيراً". اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/ 436-437): "والحديث والآثار تدلُّ على وجوب العدل ... ثمَّ هنا نوعان:
1- نوع يَحتاجون إليْه من النَّفقة في الصّحَّة، والمرَض، ونحو ذلك، فالعدْل فيه أن يُعطِي كلَّ واحدٍ ما يحتاج إليه، ولا فرق بين مُحتاج قليل أو كثير.
2- ونوع تشترِك حاجتُهم إليه، من عطيَّة أو نفقة أو تزْويج، فهذا لا ريْب في تَحريم التَّفاضُل فيه.
وينشأ من بيْنِهما نوع ثالث، وهو أن ينفرِد أحدُهم بحاجة غير معتادة، مثل أن يقْضي عن أحدهم دينًا وجب عليْه من أرش جناية - وهي عقوبة ماليَّة تدفع مقابل كلّ جناية بدنيَّة - أو يعطي عنه المهر، أو يعطيه نفقة الزَّوجة، ونحو ذلك، ففي وجوب إعْطاء الآخَر مثل ذلك نظر... فلو كان أحد الأولاد فاسقًا فقال والده لا أعطيك نظير إخوتك حتى تتوب، فهذا حسن يتعين استتابته، وإذا امتنع من التوبة فهو الظالم لنفسه، فإن تاب وجب عليه أن يعطيه، وأما إن امتنع من زيادة الدين لم يجز منعه، فلو مات الوالد قبل التسوية الواجبة فللباقين الرجوع، وهو رواية عن الإمام أحمد واختيار ابن بطة وأبي حفص، وأما الولد المفضل فينبغي له الرد بعد الموت قولاً واحدًا". اهـ.
إذا تقرر هذا فالواجب على جميع الإخوة المفضلين بالعطية أن يردوا ما أخذوه للميراث، ويحسب لهم مقدار ما أنفقوا، أو يسوا الجميع في العطية،،، الله أعلم.
- المصدر: