تحرير القول في نكاح الهازل
السللام علیکم ورحمه الله وبرکاته كثیرا مابحدث بین زوجی وصهره . زوج اخته. ان یتبادلو المزاح بشان تزویج ابنتنا من ابنه الصغیر ذو عمر سنتین ایضا . وتکررر ذلک کثیرا فی احدی المرات قال له زوجی خذها وخلصنا من حفاضها علی سبیل المزاح فرد صهره یاخذها ابنی ویربیها علی ایده ثم ... فخفت ان یکون هذافیه تزویج حقیقی لان لامزاح بهذا علما ان الحضور کانو انا وامه وواحده او اثنان من بنات اخته ولست متاکده بالضبط ان کانت احداهنا بالغه تاخذ شهادتها او کانت اخته کذلک موجوده اعنی اذا اعتبرناهم شهود هذا الموضوع یٶرقنی کثیرا خاصه انی لاارید مطلقا متل هذا التزویج والفتاه عمرا حوالی سنتین وکذلک الولد ماحکم الشرع بهذا لکلام وهل ماحصل صیغه تزویج ؟!
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالشريعة الإسلامية تدل على أن النكاح ونحوه فيه حق الله سبحانه، حيث إنه يوجب استباحة البضع، ومن ثم كان هزل النكاح وجده سواء، والهازل نقيض الجاد، وهو من قصد الكلام من غير قصد لموجبه وحقيقته، على وجه للعب، والحديث وآثار الصحابة تدل على صحة زواج الهازل؛ لأن فيه منعى العبادة كما سيأتي مفصلاً في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، ولذلك أوجب الشارع على الهازل مثل ما أوجب على الجاد، خصوصًا وأن المتكلم قصد الكلام.
هذا؛ وقد أطال شيخ الإسلام ابن تيمية النفس في تصحيح زواج الهازل فقال في "الفتاوى الكبرى"(6/ 63-66):
"وأما الهازل فقد جاء في الحديث المشهور عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد، النكاح والطلاق والرجعة"؛ رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن غريب، وعن الحسن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من نكح لاعبًا، أو طلق لاعبًا، أو أعتق لاعبًا فقد جاز".
وعن عمر بن الخطاب قال: "أربع جائزات إذا تكلم بهن: الطلاق، والعتاق، والنكاح، والنذر"، وعن علي: "ثلاث لا لعب فيهن الطلاق والعتاق والنكاح"، وعن أبي الدرداء قال: "ثلاث اللعب فيهن كالجد الطلاق والنكاح والعتق"، وعن عبد الله بن مسعود قال: "النكاح جده ولعبه سواء"؛ رواهن أبو حفص العكبري.
فأما طلاق الهازل فيقع عند العامة، وكذلك نكاحه صحيح كما هو في متن الحديث المرفوع، وهذا هو المحفوظ عن الصحابة والتابعين، وهو قول الجمهور، وحكاه أبو حفص العكبري عن أحمد بن حنبل نفسه، وهو قول أصحابه، وقول طائفة من أصحاب الشافعي، وذكر بعضهم أن نص الشافعي أن نكاح الهازل لا يصح بخلاف طلاقه، ومذهب مالك الذي رواه ابن القاسم وعليه العمل عند أصحابه أن هزل النكاح والطلاق لازم...
والفقه فيه أن الهازل أتى بالقول غير ملتزم لحكمه، وترتب الأحكام على الأسباب للشارع لا للعاقد، فإذا أتى بالسبب لزمه حكمه شاء أو أبى؛ لأن ذلك لا يقف على اختياره؛ وذلك أن الهازل قاصد للقول، مريد له مع علمه بمعناه وموجبه، وقصد اللفظ المتضمن المعنى قصد لذلك المعنى لتلازمهما، إلا أن يعارضه قصد آخر، كالمكره والمحلل، فإنهما قصدا شيئًا آخر غير معنى القول، وموجبَه، فلذلك جاء الشرع بإبطالهما.
وأيضًا فإن الهزل أمر باطن لا يعلم إلا من جهته، فلا يقبل قوله في إبطال حق العاقد الآخر.
وفرق من جهة المعنى بأن النكاح والطلاق والعتق والرجعة ونحو ذلك فيها حق الله سبحانه، وهذا في العتق ظاهر، وكذلك في الطلاق فإنه يوجب تحريم البضع في الجملة على وجه لا يمكن استباحته، وكذلك في النكاح، فإنه يفيد حل ما كان حرامًا على وجه لو أراد العبد حله بغير ذلك الطريق لم يمكن؛ وإذا كان كذلك لم يكن للعبد مع تعاطي السبب الموجب لهذا الحكم أن يقصد عدم الحكم؛ كما ليس له ذلك في كلمات الكفر قال سبحانه: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}[التوبة: 65، 66]؛ لأن الكلام المتضمن لمعنى فيه حق لله سبحانه لا يمكن قبوله مع دفع ذلك الحق، فإن العبد ليس له أن يهزل مع ربه ولا يستهزئ بآياته، ولا يتلاعب بحدوده؛ ولعل حديث أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما بال أقوام يلعبون بحدود الله ويستهزئون بآياته" في الهازلين بمعنى أنهم يقولونها لعبًا غير ملتزمين لحكمها، وحكمها لازم لهم، بخلاف البيع ونحوه.
وحاصل الأمرين اللعب والهزل والمزاح في حقوق الله غير جائز، فيكون جد القول في حقوقه وهزله سواء بخلاف جانب العباد.
ومما يوضح ذلك: أن عقد النكاح يشبه العبادات في نفسه بل هو مقدم على النوافل؛ ألا ترى أنه يستحب عقده في المساجد - والبيع قد نهي عنه في المسجد - ولهذا اشترط من اشترط له العربية من الفقهاء إلحاقًا له بالأذكار المشروعة، مثل الأذان والتكبير في الصلاة والتلبية والتسمية على الذبيحة، ونحو ذلك، ومثل هذا لا يجوز الهزل فيه، فإذا تكلم الرجل فيه رتب الشارع على كلامه وحكمه، وإن لم يقصد هو الحكم بحكم ولاية الشارع على العبد، فالمكلف قصد القول، والشارع قصد الحكم له فصار الجميع مقصودًا". اهـ. مختصرًا.
إذا تقرر هذا؛ فنكاح الهازل يقع، خصوصًا وأن للأب ولاية في تزويج ابنه الصغير وابنته الصغيرة،، والله أعلم.
- المصدر: