حكم من نطقت بكلمة الكفر بسبب زلة لسان
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم .... شيخنا الكريم... من ١٥ سنة تقريبا أثناء الحديث مع أحد الزملاء نطقت بكلمة فيها نوع من التهكم او السخرية علي رسول الله بسبب زلة لسان و قد سبقني لساني لها و يعلم الله انني لم اقصد هذا تماما و من هذا اليوم و انا اعيش في هم و حزن و ضيق صدر حزنا علي ما تفوهت به في حق رسول الله خير الخلق و يعلم الله انني لم اقصد هذا تماما لدرجة أنني كل فترة اشك ف اسلامي فاغتسل بنية الدخول في الاسلام و اصلي ركعتين بنية الدخول في الاسلام فما حكم الشرع فيما تفوهت به ؟؟؟؟ و هل انا مسلم ام لا؟؟؟ و هل اغتسل بنية الدخول في الاسلام من جديد ام لا ؟؟؟؟ ارجوا الإجابة سريعا لأني مهموم جدا و الله اعلم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد أجمع أهل السنة على أنه يشترط في القول المكفر قصد قد قصد سواء كان جاداً أو مازحاً فإنه كافرٌ كفراً مخرجاً عن الملة عليه أن يتوب إلى الله عز وجل وسب الدين مازحاً أشد.
وقال أبو محمد بن حزم في الفصل: كل من ينطق بالكلام الذي يحكم لقائله عن أهل الإسلام بحكم الكفر لا قارئاً ولا شاهداً ولا حاكياً ولا مكرهاً فقد شرح بالكفر صدراً. انتهى.
وبين شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول أن القصد المعتبر شرعًا في التكفير هو قصد الفعل المكفر لا قصد الكفر به، فقال: "فمن قال أو فعل ما هو كُفر كفر بذلك وإن لم يقصد أن يكون كافراً؛ إذ لا يكاد يقصد الكفر أحد إلا ما شاء الله". اهـ.
أما من لم يقصد لفظ الكفر فلا يكفر، كمن سبق على لسانه بكلمة السبٍ بدون قصد لها؛ لأنه لم يقصد السب بخلاف، بخلاف من يقصده الاستهزاء بالشرع أو الدين أو الرسول، فهذا عقد قلبه على الاستخفاف بالدين، فصار له حكم الجاد.
قد بين لنا رسول الله أن من أخطأ من شدة الفرح فقال: "اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح"، كما في الصحيح أنس بن مالك وهو عمه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه، من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة، فاضطجع في ظلها، قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك إذا هو بها، قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح"، والسبب في عدم مؤاخذته؛ أن كلمة الكفر صدرت منه بغير قصد، وإنما سبق لسانه فأخطأ اللفظ، والثواب والعقاب في الشريعة إنما هو على قصد الفعل، ولذلك المكره والسكران والنائم وما شابه لا يعتد بكفرهم؛ لعدم توفر القصد؛ كما في قوله تعالى { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 5]، وقوله: { لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ } [المائدة: 89]، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا } [البقرة: 286].
هذا؛ والله أعلم.