توبة من علم غيره كسب الحرام ثم تاب وبقي فسادها
السلام عليكم اخواني انا في موقف صعب الرجاء النصح،، علمت صديقا لي طريقه كسب حرام عبر التداول بالعملات عبر الإنترنت و انا الان تبت و لا أمارس هذا الفعل لكنصديقي ما زال و لن يتوقف عن كسب المال بهذه الطريقة و انا احلم احيانا بالمنام اني يأتيني مال و اعرف انه حرام من هذا الشخص ، فانا اخاف ان أظل اكسب إثماً طوال العمر طالما هذا الشخص يكسب مال حرام، فيا اخواني كيف اخرج نفسي من هذا الذنب اذا ظلت تتراكم ذنوبي طول العمر و هذا الشخص لن يقبل النصح فكما تعلمون إغواء المال و بالذات سهل الكسب قوي جدا و لا يتركه الا قوي الإرادة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد
فالتوبة واجبة على كل مسل في كل وقت، وهي من أجل العبادات وأعظم الطاعات، ووجوبها من كل ذنب اقترفه الإنسان فورًا، وأركانها الندم ركن والإقلاع ، والعزم على عدم العود، والاستغفار.
غير أنه لا يتحقق شرط الإقلاع لم دلّ على معصية ثم تاب، لأت آثارها باقية، حتى أن أدلة الكتاب والسنة تدل على أن من دعا غيره إلى معصية فإنه يحمل إثمه وإثم من تبعه؛ لأنه بفعله هذا قد أضل غيره، وكان سببا في غوايته؛ ففي الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا".
ولكن من سعة رحمة رب العالمين أنه لا يكلف الإنسان فوق طاقته، فكل من يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة مستجمعة لشروط التوبة النصوح، ولم يكن قادرًا على إزالة ذلك المنكر الذي تسبب فيه، أو دعا غيره إليه = فإن توبته مقبولة.
هذا؛ وقد ذهب جماهير أهل العلم من أهل السنة إلى أن توبة من دعا غيره إلى بدعة أو ضلالة وبقي أثر تلك الدعوة بعد توبته= أن توبته صحيحة مقبولة، كما حرره شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض كلامه عن قبول توبة المبتدع، وكذلك ابن الحاج في كتابه "المدخل"، والشنقيطي في كتابه "أضواء البيان"(5/ 526)، فقال: "... فحاصله أن من تاب من الذنب الذي هو متلبس به، مع بقاء فساد ذلك الذنب، أي: أثره السيئ، هل تكون توبته صحيحة؟ نظرًا إلى أنه فعل في توبته كل ما يستطيعه، وإن كان الإقلاع عن الذنب لم يتحقق للعجز عن إزالة فساده في ذلك الوقت، أو لا تكون توبته صحيحة؛ لأن الإقلاع عن الذنب الذي هو ركن التوبة لم يتحقق.
ومن أمثلة هذا: من كان على بدعة من البدع السيئة المخالفة للشرع المستوجبة للعذاب، إذا بث بدعته وانتشرت في أقطار الدنيا، ثم تاب من ارتكاب تلك البدعة، فندم على ذلك ونوى ألا يعود إليه أبدًا، مع أن إقلاعه عن بدعته لا قدرة له عليه، لانتشارها في أقطار الدنيا؛ ولأن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، ففساد بدعته باقٍ.
ثم ذكر أمثلة أخرى لمن تعذر عليه تحقيق ركن الإقلاع في التوبة، ثم قال: "فجمهور أهل الأصول على أن توبته في كل الأمثلة صحيحة؛ لأن التوبة واجبة عليه، وقد فعل من هذا الواجب كل ما يقدر عليه، وما لا قدرة له عليه معذور فيه" لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا } [البقرة: 286]، إلى آخر الأدلة التي قدمناها قريبا...
وإلى هذه المسألة أشار في "مراقي السعود"، مقتصرًا على مذهب الجمهور، بقوله:
من تاب بعد أن تعاطى السببا ... فقد أتى بما عليه وجبا
وإن بقي فساده كمن رجع ... عن بث بدعة عليها يتبع". اهـ.
إذا تقرر هذا، ففر إلى الله تعالى بالتوبة الصادقة، فإن استطعت أن تنصح من علمته كسب الحرام فانصحه،، وأكثر من الأعمال الصالحة،، والله أعلم.
- المصدر: