هل يعذب على ذنوبه ولو رجحت عليها حسناته
فإن الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وهو الذي يقتضيه ظاهرها أن من رجحت حسناته بسيئاته فهو من الناجين - إن شاء الله تعالى
هل يكفي أن تكون حسنات المؤمن أكثر من سيئاته حتى ينجو من النار؟ وكيف نوفق بين هذا وقوله - تعالى -: {ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}، وقوله تعالى {من يعمل سوءا يجزى به} وشكراً.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وهو الذي يقتضيه ظاهرها أن من رجحت حسناته بسيئاته فهو من الناجين - إن شاء الله تعالى - واقرأ - إن شئت - قول الله - تعالى - في سورة الأعراف: {والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون} [الآيتين:8-9] ، وقوله - تعالى - في سورة المؤمنون: {فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون} [الآيتين:102-103].
أما قول الله - تعالى -: {ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره} [الزلزلة:8] فمعناه يجده أمامه يوم القيامة ويطلعه عليه ربه - سبحانه -.
وأما قوله - تعالى -: {من يعمل سوءاً يجز به} [النساء:123] فإنها نزلت لسببٍ على ما ذكر أهل التفسير، وهو أن المسلمين وأهل الكتاب تفاخروا في أي الأديان خير، فأنزل الله - تعالى - قوله: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به} الآية [النساء:123] ، ثم أعقبه بقوله - تعالى -: {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا} [النساء:124] ، وقيل بل نزلت في كفار قريش لما قالوا للمسلمين: لن نبعث ولن نعذب، فأنزل الله: {من يعمل سوءاً يجز به} [النساء:123] .
وروي من طرق كثيرة موقوفة ومرفوعة في تأويل الآية أن المؤمنين يجزون في الحياة الدنيا لقاء أعمالهم من الأمراض والمصائب حتى النكبة ينكبها المؤمن والشوكة يشاكها تكفر عنه سيئاته حتى يلقى ربه.
والقاعدة العامة - يا أخي - في التعامل مع نصوص الوعد والوعيد جمعها وليس أن يفرد المرء نصوص الوعيد ويجعلها نصب عينيه فيقع فيما وقعت فيه المعتزلة، ولا يعكس ذلك بحيث يفرد نصوص الوعد، ويغفل عن نصوص الوعيد، فيقع فيما وقعت فيه المرجئة، ومنهج أهل السنة وسط بين هذين، وهو الجمع بين نصوص الوعد والوعيد، مع الرجوع إلى كتب التفسير والحديث لمعرفة المراد من الآيات. والله الموفق.
- التصنيف:
- المصدر: