هل المهر حقٌ خالص للزوجة أم للولي

منذ 2019-09-01
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لي قريب اشترط ابو الفتاة عليه مبلغ مؤخر غالي جدا. ولكن الفتاة قالت له لايهمها ذلك وتقبل مهرا متفقة معه بينها وبينه. السؤال هل يجوز ذلك اي تجاهل طلب الأب وعقد القران.

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد دلت الشريعة الإسلامية على أن المهر حقٌ للزوجة؛ قال الله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4]، ولقوله تعالى: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ} [النساء: 25]، ولأن المهر في مقابل استمتاع الزوج بالبضع، فإذا أسقطت المرأة مهرها أو تنازلت عن بعضه عن طيب نفس منها جاز ذلك، ولا يؤثر ذلك على صحة العقد.

قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (5/ 24):

"هذه الآية تدل على وجوب الصداق للمرأة، وهو مجمع عليه ولا خلاف فيه، إلا ما روي عن بعض أهل العلم من أهل العراق أن السيد إذا زوج عبده من أمته أنه لا يحجب فيه صداق، وليس بشيء، لقوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}، فعم وقال: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ} [النساء: 25]... إلى أن قال(5/ 24-25):

"فالصداق عطية من الله تعالى للمرأة، وقيل: (نحلة) أي عن طيب نفس من الأزواج من غير تنازع، وقال قتادة: معنى (نحلة) فريضة واجبة، ابن جريج وابن زيد: فريضة مسماة، قال أبو عبيد: ولا تكون النحلة إلا مسماة معلومة، وقال الزجاج: (نحلة) تدينا، والنحلة الديانة والملة، يقال: هذا نحلته أي دينه، وهذا يحسن مع كون الخطاب للأولياء الذين كانوا يأخذونه في الجاهلية، حتى قال بعض النساء في زوجها: لا يأخذ الحلوان من بناتنا

تقول: لا يفعل ما يفعله غيره، فانتزعه الله منهم وأمر به للنساء، و(نحلة) منصوبة على أنها حال من الأزواج بإضمار فعل من لفظها، تقديره أنحلوهن نحلة.

قوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا}، مخاطبة للأزواج، ويدل بعمومه على أن هبة المرأة صداقها لزوجها بكرًا كانت أو ثيبًا جائزة، وبه قال جمهور الفقهاء، ومنع مالك من هبة البكر الصداق لزوجها وجعل ذلك للولي مع أن الملك لها.

وسبب الآية فيما ذُكر: أن قومًا تحرجوا أن يرجع إليهم شيء مما دفعوه إلى الزوجات فنزلت: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ}.

واتفق العلماء على أن المرأة المالكة لأمر نفسها إذا وهبت صداقها لزوجها نفذ ذلك عليها، ولا رجوع لها فيه".اهـ.

إذا تقرر هذا؛ فيجوز لتلك الزوجة أن تسقط عن زوجها مؤخر الصداق؛ لأن المهر كما تقدم حق خالص لها،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 1
  • 0
  • 4,884

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً