أحب فتاة وتحبين ولكن أمها تشترط ألا تخرج من بلدها
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة.. انا من اليمن واحبك واحترمك يا شيخنا والله يعلم بما يكنه لك صدري من التوقير والاحترام. واني اسال الله العظيم ان يوفقني لحضور دروسك ومحاضراتك.. اريد يل شيخنا ان توجه نصيحة لابنت عمي كي اريهاا.. ذهبت اخطب ابنتهاا فكان من شروطهم ان اقيم في المدينة التي هم فيها.. لانهم يسكنون في محافظة وانا في محافظة مدينة اخرى وانا لا اريد السكن في مدينتهم لاني في المدينة التي اعيش فيها اعرف اشخاص واسرتي فيها ساكنه به. ارجو منك الرد يا شيخنا وتاج رووسنا.. وجزاكم الله خير الجزاء وبارك فيك وعسلك🌷
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فشكر الله لك أيها الأخ الكريم، وأحب الله الذي أحببتنا فيه،،
أما رغبتك في الزواج بقريبتك وحبك لها، فلا يوجد علاج لهذا إلا الزواج إذا كانت تَتَوافَرُ فيها صفاتُ الزَّوجة الصالحة؛ وفي مِثْلِ هذا قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: "لَم يُرَ للمتحابَّين مثلُ النِّكاحِ"؛ رواه ابن ماجهْ.
أمَّا ابنة عمك انتقال ابنتها إلى بلدتك، فلا يخفى أن شدةُ حبِّ الأم لابنتها تجعلهما دائمًا متعلقة بها، وتبحث لها عن زوج يقيم قريبًا منها، وتريد لها الأفضل والأكمل، والوسيلة الناجعة هو الاستمِرَّار في إقناعهما، وعدم اليأسْ منها، بل واصِلِ الجهود، واستخدمْ كافة الأساليب الحسنة والطرُق الحكيمة لكَسْب رضاها وموافقتهما، خاصة إن كانت الفتاةُ ذات خُلُق ودينٍ، وبَيِّن له أن تلك سنة جارية، وأنها ستعتاد على ذلك مع مرور الزمن كحال الزيجات المشابهة.
وسألها هل ستكون سعيدة إن تزوجتَ ابنتها بجانبها ولكن بمكن لا ترغب فيه، أو أقل منك في الخُلُق، أو بمن هو قبيح النفس؟ وكيف لو عشتَ معه بدون حبٍّ ولا تفاهُمٍ ولا مودة ولا رحمة؟! وما أشبه ذلك من الكلام العقلي والواقعي.
ولتستعن بمكن يتحلى بالحكمة والصبر ليتفاوض معها، ولكن إن أصرَّت على الرفض بعدما استخدمتَ كافَّة الأساليب الحسَنة والطرُق الحكيمة لكَسْب موافتها على الانتقاء معك، فانصحك أنت تتزوج بها وتنتقل أنت إلى بلدها إن تيسر ذلك لك، فقد أجاز الحنابلة للمرأة أن تشترط هي أو وليها عدم الانتقال من بلدها، ودلَّتْ نصوص الشريعة على مشروعيته ووجوب الوفاء بالشرط؛ قال البخاري في صحيحه: "باب الشروط في المهر عند عقدة النكاح: وقال عمر: «إن مَقاطعَ الحقوق عند الشروط، ولك ما شرطتَ»، وقال المِسْوَرُ: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم ذكر صهرًا له، فأثنى عليه في مصاهرته، فأحسن قال: "حدثني وصدقني، ووعدني فوفى لي".
ورُوِي عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحقُّ الشروط أن توفوا بها ما استحللتم به الفُروج"، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ما يستحل به الفروج مِن الشروط أحق بالوفاء مِن غيره.
ومما يدل على صحة الشروط أيضًا عموم حديث: "المسلمون عند شروطهم"؛ علَّقه البخاري، ورواه أحمد وأبو داود والترمذي، وزاد: "إلا شرطًا حَرَّم حلالًا، أو أَحَلَّ حرامًا".
قال الإمام ابن قدامة في "المغني"(7/ 92):
"(تزوجها وشرط لها أن لا يخرجها من دارها أو بلدها)، قال: (وإذا تزوجها، وشرط لها أن لا يخرجها من دارها أو بلدها فلها شرطها ... وإن تزوجها، وشرط لها أن لا يتزوج عليها، فلها فراقه إذا تزوج عليها.
وجملة ذلك أن الشروط في النكاح تنقسم أقساما ثلاثة، أحدها ما يلزم الوفاء به، وهو ما يعود إليها نفعه وفائدته، مثل أن يشترط لها أن لا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يسافر بها، أو لا يتزوج عليها، ولا يتسرى عليها، فهذا يلزمه الوفاء لها به، فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح. يروى هذا عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وسعد بن أبي وقاص، ومعاوية وعمرو بن العاص - رضي الله عنهم - وبه قال شريح، وعمر بن عبد العزيز، وجابر بن زيد، وطاوس، والأوزاعي، وإسحاق". اهـ.
هذا؛ والله أعلم.
- المصدر: