التكييف الشرعي لمسألة الجنسية، وزكاة الودائع
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه الزكاة -
السلام عليكم تقدمت للحصول على جنسية احدى الدول عن طريق إيداع مبلغ من المال في أحد البنوك وتجميده الحساب وبالفعل قمت بإيداع المبلغ المطلوب من الحكومة في حساب جاري في بنك إسلامي وتم تجميد المبلغ لمدة لا تقل عن ثلاثة سنوات على الأقل حسب شروطهم بحيث لا يمكنني التصرف بهذا المال خلال هذه المدة. السؤال: هل على هذا المبلغ زكاة خلال هذه المدة وما هو التكييف الشرعي لهذه الحالة هل يعتبر تأمين مالي من قبل الحكومة ؟جزاكم الله خيرا
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعدُ:
فقد أجمع العلماء على وجوب إخراج الزكاة في الأموال السائلة إذا بلغ النصاب، وسواء كان مالا مكنوزًا أو لا ينتفع به، أو غير ذلك؛ لأن المال السائل مظنة النماء، فيَجِبُ تَزْكيتُه كيفما أُمسكَ للنماء أو للنفقة ما دام بالغًا للنّصاب عن كلّ عام؛ لأن الأمر في إيجاب الزكاة يفيد التكرر مع مضي السنين، فلِلْمُسلم أن يَقتنِي ويدَّخِر ما شاء من المال المُباح ما دام يؤدّي حقَّ الله تعالى فيه، ومعلومٌ أنَّ الزَّكاة من الواجبات التي تتكرَّر في كلّ عامٍ ما دام وُجِدَ سببُها - وهو النِّصاب.
أما توصيف هذه المعاملةشرعيًا، فلا يخفى عليك أن تلك الحكومات لا تلتزم الشرع في وضع تلك القوانين والأحكام، ولذلك لا يتعجب إن جاءت في مجملها مخالفة للشريعة، غير أن الدين الخاتم لا تخرج معاملة في واقع الناس من حكم وتوصيف، ومن ذلك مسألة الجنسية، فهي تندرج تحت القواعد العامة للشريعة الإسلامية، والأصول والكليات الكبرى، والتي قام على إثباتها ما لايحصى من الأدلة، وتوصيف هذه المسألة تأتي تحت قاعدة تعارض المصالح والمفاسد، وأن المفسدة إذا عارضتها المصلحة الراجحة قدمت عليها، والشارع يعتبر المفاسد والمصالح، فإذا اجتمعا قدم المصلحة الراجحة على المفسدة المرجوحة؛ فإذا دعت الحاجة فضلا عن الضرورة المسلم للحصول على جنسية أي دولة إسلامية أو كافرة، جاز له ذلك، ويكون ما يقع فيه من مفاسد مغفور أو مباح من أجل المصلحة، فمثلاً: مَن لا يأمَن على نفسه أو دينه أو أهله في بلده، ولم يجدْ بلَدًا يَأوي إليه إلا بارتكاب بعض المحظورات، كالتوقيع على احترام قوانين تضاد الشريعة، ونحو ذلك، فلا حرجَ عليه، لتلك القاعدة الكبيرة؛ قال الله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173]؛ إن كان سيَأمَن في تلك البلاد على نفسِه ودينه، مع السعي جاهدةً في الحِفاظ على دينه،، والله أعلم.