حكم المعلقة
خالد عبد المنعم الرفاعي
منذ خمسة عشر سنة انفصل عنى زوجى فى المسكن وسكن فى شقة فى نفس البيت بمفردة بحجة انى اشخر ليلا حتى حدث شقاق بينى وبينه وظل على هذا الحال حتى لم يعد بيننا اى علاقة زوجية وقد انتقلت للسكن انا واولادى فى مكان اخر بعيد عن سكنه بموافقته وياتى الينا ضيف كل اسبوع واصبحنا كالاخوات ويعطينى نفقة قليلة جدا وانا اطلب الطلاق وهو يرفض بحجة انه لن يستطيع المجيئ للبيت كالسابق لرؤية اولاده وهذا الوضع يؤذينى كثيرا ماذا افعل
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإن كان الحال كما ذكرتِ، فقد وقع زوجك فيما نهاه الله عنه حيث تركك كالمعلقة، فأنت لست بغير زوج فتتهيئي وتستعدي للتزوج، ولا ذات زوج حقيقي قال الله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 129].
والله تعالى أمر الأزواج بالعشرة بما تعارف عليه أهل العدل، وأن يعطيها حقوقها الشرعية الواجبة، من العدل في القسم والنفقة والكسوة، ونحوها من الحقوق التي قال الله تعالى فيها {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرً} [النساء: 19]، .
والذي يظهر أن الحياة بينكما قد وصلت لطريق مسدود منذ زمن بعيد، فكان الواجب على زوجك أن يخيرك بين الطلاق أو التنازل عن حقك في العشرة الزوجية التي هي من أوجب الواجبات على الزوج، فأوقع نفسه في الظلم وتعدي حدود الله تعالى، والشريعة الإسلامية إنما شرعت الطلاق لمثل هذه الحالات، فلا يتصور أن يحكم على زوجة أن تجلسي عمرك طيلة عمرها هكذا لا هي زوجة ولا مطلقة، في رباط ظاهري وانفصام حقيقي؛ ولذلك حسم الله القضية في مثل هذه الأحوال فقال تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا } [النساء: 130]، والفراق سواء بطلاق أو بالخلع يغني الله به من فضله، فولله سبحانه هو المتكفل بأرزاق جميع الخلق، والقائم بمصالحهم، وقد وعد عز وجل كلا الزوجين أن يغنيه من فضله هو، ومما عنده هو وهو- سبحانه- يسع عباده ويوسع عليهم بما يشاء وفق حكمته وعلمه بما يصلح لكل حال.
فاصري على طلب الطلاق واستعيني بمن ينصفك منه من أسرتك، فإن أصرّ فرفعي عليه قضية للطلاق أو اختلعي منه،، والله أعلم.