الترحم على ترك الصلاة في مرض الموت

منذ 2019-11-06
السؤال:

امى توفت منذ شهرين لكنها لم تكن منتظمة فى الصلاة وهى كانت مريضة منذ ست سنوات بمرض اقعدها فى الفراش وفي شهر رمضان اختى ذهبت لتعتمر بالنيابة عن امى لكن امي لم تستطيع أن تصلي لأن مرضها كان يسب لها الاسهال ولم اتمكن من أن اجعلها تتوضأ وتوفت بعد العمرة بشهرين تقريبا بمرض الكبد هل يجوز لي الترحم عليها والتصدق لها أم ماذا

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعدُ:

فالذي يظهر أنَّ والِدتك قد ترك تلك الصَّلاة ظناً منْها أنَّ الصَّلاة تسقُط عند العجز أو المرض الشديد، أو أن من لم يستطع الطهارة الكاملة فلا صلاة عليه، وهذه حوادث مشهورة في كثير من المجتمعات، فتجد الرجل يصلي عمره، فإذا مرض مرضًا شديدًا ترك الصلاة لجهلا لصلاة أصحاب الأعذار، ولا شك أن هؤلاء يعذرون بجهلهم؛ لأنه فارق بين من ترك الصلاة كسلاً وعنادًا، وبين من تركها متأولاً، والعالم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم يدرك الفارق بين الاثنين، فرسول الله قد عذر كل من ترك الصلاة متأولاً على الرغم من كونهم في دار الإسلام التي أعز الله بها المؤمنين، وقد حرر تلك المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية - فقال في معرض كلامه على من ترك الصلاة جاهلا بوجوبها، ثم جكى وجهين لأهل العلم - "مجموع الفتاوى" (22/ 100-103): "وأصل هذين الوجهين: أن حكم الشارع هل يثبت في حق المكلف قبل بلوغ الخطاب له... والصحيح في جميع هذه المسائل عدم وجوب الإعادة؛ لأن الله عفا عن الخطأ والنسيان ولأنه قال: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]، فمن لم يبلغه أمر الرسول في شيء معين لم يثبت حكم وجوبه عليه؛ ولهذا لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم عمر وعمارًا لما أجنبا فلم يصل عمر وصلى عمار بالتمرغ أن يعيد واحد منهما، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما كان يجنب ويمكث أيامًا لا يصلي، وكذلك لم يأمر من أكل من الصحابة حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء، كما لم يأمر من صلى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ لهم بالقضاء.

ومن هذا الباب المستحاضة إذا مكثت مدة لا تصلي؛ لاعتقادها عدم وجوب الصلاة عليها، ففي وجوب القضاء عليها قولان: أحدهما لا إعادة عليها، كما نقل عن مالك وغيره؛ لأن المستحاضة التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: "إني حضت حيضة شديدة كبيرة منكرة منعتني الصلاة والصيام"، أمرها بما يجب في المستقبل ولم يأمرها بقضاء صلاة الماضي.

وقد ثبت عندي بالنقل المتواتر أن في النساء والرجال بالبوادي وغير البوادي، من يبلغ ولا يعلم أن الصلاة عليه واجبة؛ بل إذا قيل للمرأة: صلي تقول: حتى أكبر وأصير عجوزة، ظانة أنه لا يخاطب بالصلاة إلا المرأة الكبيرة كالعجوز ونحوها. وفي اتباع الشيوخ طوائف كثيرون لا يعلمون أن الصلاة واجبة عليهم، فهؤلاء لا يجب عليهم في الصحيح قضاء الصلوات سواء قيل: كانوا كفارًا أو كانوا معذورين بالجهل".

إذا تقرر هذا؛ فيجوز لك الدعاء لوالدتك والاستغفار لها، وغير ذلك من الأعمال الصالحة،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 3
  • 2
  • 6,761

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً