هل تصلح الرجعة مع الكتمان
خالد عبد المنعم الرفاعي
زوجي طلقني غيابيا وبلغني بعدها بنفسه انه طلقني غيابي وكان سبب طلاقه ليه ان اتقدم بطلب لاخذ معاش والدي المتوفي لنستفيد بيه ، وقال ليه انه ردني شفهيا بعدما خرج من عند المأذون . والان انا معي قسيمة الطلاق وشهور العدة انقضت ولم يردني ولم يحدث بيننا جماع فهل الان علي اي وزر في البعد عنه بشرع ربنا لانه لم يمسسني طوال شهور العدة
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإذا كان زوجك قد أخبرك أنه راجعك قبل انقضاء العدة فالرجعة صحيحة، ويجب عليه الإشهاد؛ قال الله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]، فأمر الله بالإشهاد على الرجعة، والإشهاد عليها مأمور به باتفاق الأمة، واختلف في وجوبه، فالزوج إذا طلَّق زوْجَته طلقة أو طلْقتين، فله الحقُّ أن يُراجِعها، ما لم تنقضِ عِدَّتُها.
والعدَّة ثلاث حِيَض لذوات الحيْض، أو وضْع الحمْل لِلحامل، أو ثلاثة أشهر لِلَّتي لا تَحيض؛ سواء لكبرٍ، أم صِغرٍ، أم انقطاعٍ، فإذا انتهتِ العِدَّة قبل أن يُراجعها، فقد بانت منه بينونةً صغرى، فلا تَحلُّ له إلاَّ بعقد جديدٍ، ومهرٍ جديد؛ بإجماع العلماء.
أما إذا كان أخبرك بالرجعة بعد انتهاء العدة، وقامت البينة من الشهود أو غيره، أخذ بقوله مع البينة على ذلك، وإن ادعى بعد انقضاء العدة أنه كان راجعك في العدة وأنكرت ذلك فالقول قول الزوجة؛ لأنه الإخبار بالرجعة وقع في زمن لا يملك فيه المراجعة.
قال صاحب "الهداية في شرح بداية المبتدي" (2/ 255):
"وإذا قال الزوج قد راجعتك فقالت مجيبة له قد انقضت عدتي لم تصح الرجعة عند أبي حنيفة رحمه الله". اهـ.
وقال شيخ الإسلام في "الفتاوى الكبرى"(5/ 503): "ولا تصلح الرجعة مع الكتمان بحال وذكره أبو بكر في الشافي، وروي عن أبي طالب، قال: سألت أحمد عن رجل طلق امرأته وراجعها واستكتم الشهود حتى انقضت العدة، قال يفرق بينهما، ولا رجعة له عليها، ويلزم إعلان التسريح والخلع والإشهاد كالنكاح دون ابتداء الفرقة". اهـ.
هذا؛ والله أعلم.