هل يجوز الدفاع عن دولة غير مسلمة؟
هل يجوز الدفاع عن دولة ليست مسلمة؟ انا مسلم عربى سافرت كندا للدراسة الجامعية وحصلت على الجنسية ومقيم حاليا فى كندا منذ 15 اعوام ومتزوج فى كندا واطفالى يعيشون ايضا فى كندا بمعنى اصح حياتى كلها فى كندا وانا اعتبرها وطنى ولكن لدى سؤال فلنفترض ان دولة اعتدت على كندا وارادت احتلالها وحصلت حرب فى هذه الاحوال فكل المواطنين الذكور ما بين 25 الى 45 سنة بالقانون يدخلون الجيش اجبارى للدفاع عن البلد وهذا ينطبق ايضا علينا نحن العرب المقيمين هنا لاننا نحمل الجنسية هل يجوز الانضمام لهذه الجيوش والدفاع عن كندا؟ماذا لو تم قتلى؟ هل انا شهيد؟ مع انى احارب مع غير مسلمين وضد غير مسلمين ايضا؟؟؟؟ولكنى ايضا احارب عن بلد به زوجتى واطفالى؟ولكنى ادافع عن بلد اقمت فيه 15 سنة وتعلمت فيه ومستقر فيه واعتبره وطنى!! مع العلم ان لو حصل اى اعتداء على كندا فانا مستعد لرفع السلاح ومحاربة اى معتدى على كندا ولكنى اخاف اكون بنصر الكفار ولا احتسب شهيد خصوصا انى عربى الاصل من دولة عربية واتولدت واتربيت فى دولة عربية لحد ما سافرت كندا وانا 18 سنة واستقريت هناك هل يجوز الانضمام للجيوش الكندية فى حالة حصول حرب وانا عربى الاصل ولكن معى الجنسية الكندية؟؟؟؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الجهاد بالنسبة للمسلم هو ذِرْوَة سَنَام الإسلام، ومن أعظم الطاعات، من أفضل القربات، وأفضل ما تقرَّب به المتقربون، وتنافس فيه المتنافسون، وقد شرعه الله من أجل نصر المؤمنين، وإعلاء كلمة الدين، وقمع الكافرين والمنافقين، ولنشر دين رب العالمين، وإخراج الناس من ظلمة الكفر إلى نور الإسلام.
ومن تأمل بعض آيات الكتاب العزيز التي وردت في فضل الجهاد والمجاهدين لعلم أنه لا يجوز القتال في صفوف الكافرين؛
قال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} [البقرة: 190]، وقال: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} [البقرة:191]، وقال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} [الحج: 39 - 40]، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة : 123]، . قوله - تعالى -: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ * لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ * إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} [التوبة: 41-45]".
والآيات بهذا المعنى كثيرة، وكذلك قاتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المشركين في غزوة أحد لما قدموا لمقاتلته، وتجهز لقتال الأحزاب حين أحاطوا بالمدينة، وغير ذلك من مواقفه - صلى الله عليه وسلم.
أما الشهيد فمن قتل في ساحة الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا، وليس غيره؛ ففي الصحيحين عن أبي موسى، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ما القتال في سبيل الله؟ فإن أحدنا يقاتل غضبًا، ويقاتل حمية، فرفع إليه رأسه، فقال: صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قاتل لتكون كلمة الله هي العليا؛ فهو في سبيل الله"، و"حمية": هي الأنفة والغيرة والمحاماة عن عشيرته والبلد، وقوله: "كلمة الله": كلمة التوحيد ودعوة الإسلام، "العليا": العالية فوق كل ملة ومذهب، وهذا الحديث دليل على سؤال السائل.
وأيضًا ففي الصحيح ما ييؤكد هذا المعنى؛ قال – صلى الله عليه وسلم -: "ومَنْ قاتل تحت راية عِمِّيَّة، يغضب لعُصْبَة، أو يدعوا إلى عُصْبَة، أو ينصر عُصْبَة، فقتل؛ فقتلةُ جاهليةٌ"؛ رواه مسلم.
وهذا المنع من الانضمام لجيوش الكفار إن كانت تحارب بلدًا كافرًا مثلها، أما إن كانت الحرب على المسلمين، فإنه من الأعمال المكفرة؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51].
قال الإمام المجدد، شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهَّاب مُبَيِّنًا نواقضَ الإسلام المُجْمَعَ عليها – قال: "الناقض الثامن: مُظاهَرة المشركين، ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51]".
وقال العلامة عبدالعزيز بن باز في مجموع فتاويه: "وقد أَجْمَعَ علماءُ الإسلام على أن مَن ظاهَرَ الكفار على المسلمين، وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلُهم".
هذا؛ والله أعلم.
- المصدر: