حكم من أفطر لسنوات بسبب المرض ثم مات بغير قضاء

منذ 2020-03-11
السؤال:

ما هو حكم الصيام لابى المتوفى شهر كامل سنوياً حيث ان ابى كان مريض فى اخر 6 سنوات قبل الوفاه بالقلب وكان باخذ اقراص للازمة القلبية وكان يفطر فى بعض ايام من رمضان وانا اصوم شهر رجب كاملا منذ عامان وهذا العام الثالث

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

إن كان الحال كما ذكرت، فلا يجب الصيام عن والدك؛ لأنه أفطر بعذر شرعي وهو المرض، ثم مات قبل أن يتمكن من القضاء،  فلا يصام عنه ولا يطعم عنه لكونه معذورًا، وهو قول أكثر أهل العلم.

ابن قدامة في "المغني"(3/ 152):

"أن من مات وعليه صيام من رمضان، لم يخل من حالين:

أحدهما، أن يموت قبل إمكان الصيام، إما لضيق الوقت، أو لعذر من مرض أو سفر، أو عجز عن الصوم، فهذا لا شيء عليه في قول أكثر أهل العلم، وحكي عن طاوس وقتادة أنهما قالا: يجب الإطعام عنه؛ لأنه صوم واجب سقط بالعجز عنه، فوجب الإطعام عن، كالشيخ الهرم إذا ترك الصيام، لعجزه عنه.

ولنا أنه حق لله تعالى وجب بالشرع، مات من يجب عليه قبل إمكان فعله، فسقط إلى غير بدل، كالحج، ويفارق الشيخ الهرم؛ فإنه يجوز ابتداء الوجوب عليه، بخلاف الميت.

الحال الثاني، أن يموت بعد إمكان القضاء، فالواجب أن يطعم عنه لكل يوم مسكين، وهذا قول أكثر أهل العلم، روي ذلك عن عائشة، وابن عباس، وبه قال مالك، والليث، والأوزاعي، والثوري، والشافعي، والحسن بن حي، وابن علية، وأبو عبيد، في الصحيح عنهم.

وقال أبو ثور: يصام عنه. وهو قول الشافعي؛ لما روت عائشة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من مات وعليه صيام، صام عنه وليه"؛ متفق عليه. وروي عن ابن عباس نحوه.

ولنا ما روى ابن ماجه، عن ابن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من مات وعليه صيام شهر، فليطعم عنه مكان كل يوم مسكينا"، قال الترمذي: الصحيح عن ابن عمر موقوف.

وعن عائشة أيضا، قالت: يطعم عنه في قضاء رمضان، ولا يصام عنه، وعن ابن عباس، أنه سئل عن رجل مات وعليه نذر؟ يصوم شهرًا، وعليه صوم رمضان؟ قال: "أما رمضان فليطعم عنه، وأما النذر، فيصام عنه"؛ رواه الأثرم في "السنن"، ولأن الصوم لا تدخله النيابة حال الحياة، فكذلك بعد الوفاة، كالصلاة". اهـ.

أما قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من مات وعليه صيام، صام عنه وليه))؛ متفق عليه"؛ فالمراد به صيام النذر، كما سبق في كلام ابن قدامة.

وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين"(4/ 296):

"يصام عنه –يقصد: الميت- النذر دون الفرض الأصلي، وهذا قول ابن عباس وأصحابه والإمام أحمد وأصحابه، وهو الصحيح؛ لأن فرض الصيام جار مجرى الصلاة، فكما لا يصلي أحد عن أحد ولا يسلم أحد عن أحد فكذلك الصيام، وأما النذر فهو التزام في الذمة بمنزلة الدين، فيقبل قضاء الولي له كما يقضي دينه، وهذا محض الفقه". اهـ.

إذا تقرر هذا؛ فلا يجب قضاء الصوم عن الوالد ولا الإطعام عنه؛ لأنه أفطر لعذر شرعي وهو المرض، ثم مات قبل أن يتمكن من القضاء، ومن ثمَّ فلا قضاء عنه ولا إطعام لكونه معذورًا،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 5
  • 0
  • 2,821

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً