حكم القطيعة التي لا ذنب لي فيها
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . مشكلتي هي أن والداي انفصلا قبل ولادتي بسبب مشكلات لا أعلمها ، وعندما ولدت انا وأختي كان ابي يأتي لبعض جيراننا وكانوا يأخذونا إليه واستمر هذا لفترة وجيزة علي ما أعلم ، لم يكن يدفع النفقة الا بعدها بتسع سنوات بعد رفع أهل امي قضية عليه ، وذهبنا إليه لمدة سنتين تقريبا ثم ما لبث أن امتنع عن دفع النفقة وكذلك السؤال علينا ، وهذا الوضع مستمر الي الآن ....لذلك منعنا أهل امي من الذهاب أليه لأنه لا يريدنا ولا حتي أي فرد من عائلته يسأل علينا وليس هذا من الكرامة من رأيي ان نذهب ولا يريدونا ، انا وأختي الآن في السابعة عشر لهذا أسأل حضراتكم هل أذنب بسبب هذه القطيعة التي لا ذنب لي بها ، هناك شيئ آخر انه يرانا من سنة لسنة في الشارع ولا يكلمنا ، الا مرة واحدة نادانا فيها ولكننا لم نذهب إليه بسبب غضبنا الشديد منه ، انا أعلم انه يذنب ولكني لا أعلم هل أذنب ام لا . ارجو منكم الإجابة وجزاكم الله خيرا
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
فإن الله تعالى أمر بصلة الرحم كلاً من الأبناء والآباء، وحرم على الجميع قطيعة الرحم، وقطع الوالد لأبنائه ليس بمبرر لقطيعة الأبناء.
ومن المعلوم لكل أحد أن للأبناء حقوقًا كثيرة وهي ثابتة بالكتاب والسنة، ومعلومة من دين الإسلام بالضرورة، واتفق عليها أئمَّة المسلمين؛ ولا تَحتاج إلى بيان ولا برهان، وامتناع الأب عن أداء تلك الحقوق، لا يبيح تقصير الأبناء.
والحاصل أن تقصير الآباء في اداء حقوقهم تجاه أبنائهم لا يبرر العقوق ولا يسوغ التقصير؛ فإذا كان كفر الوالدين بالله العظيم لا يُسقط حقهم في البر والإحسان فبالأحرى ألا يسقطه ظلمهما أو تضييعهما للأبناء؛ قال الله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 14، 15].
فقطيعية الرحم محرمة على كل حال؛ قال الله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ* أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ* أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 22 - 24].
وقد حررنا تلك المسألة الكبيرة في الفتويين: "عقوق الآباء للأبناء"، "هل عقوق الوالدين مبرر لعقوق الأبناء"
إذا تقرر، فلا يجوز لك أنت وأختك أن تقطع والدك، ولا يدفعك ما يفعله والدك للوقوع فيما يبغضه الله من القطيعة، وجاهد نفسك على معاملته بالمعروف،، ووالله أعلم.