حكم إخراج القيمة في كفارة اليمين وإعطائها لمسكين واحد
وأما إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك، فالمعروف من مذهب مالك والشافعي أنه لا يجوز، وعند أبي حنيفة يجوز...
هل يجوز إخراج كفارة اليمين نقدا؟ وهل يجوز إخراجها لمسكين واحد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فإن الشارع الحكيم جعل كفَّارة اليمين عتْق رقبة، أو إطْعام عشَرة مساكين أو كسوتهم، ومن عجز عن الإتيان بواحدةٍ من الثلاثة، صام ثلاثة أيَّام؛ قال تعالى: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 89].
أما مشروعية إخراج القيمة بدلاً عن الطعام أو الكسوة فلا تجوز إلا إذا دعت المصلحة الراجحة، وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في "مجموع الفتاوى" (25/ 82-83):
"وأما إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك، فالمعروف من مذهب مالك والشافعي أنه لا يجوز، وعند أبي حنيفة يجوز، وأحمد - رحمه الله - قد منع القيمة في مواضع وجوزها في مواضع فمن أصحابه من أقرَّ النص، ومنهم من جعلها على روايتين.
والأظهر في هذا: أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه". اهـ.
أما إعطاء الكفارة لمسكين واحد ففيه تفصيل ذكره ابن قدامة في المغني (9/ 543- 544):
"(ومن لم يصب إلا مسكينًا واحدًا، ردد عليه في كل يوم تتمة عشرة أيام)، وجملته أن المكفر لا يخلو من أن يجد المساكين بكمال عددهم، أولا يجدهم، فإن وجدهم، لم يجزئه إطعام أقل من عشرة في كفارة اليمين، ولا أقل من ستين في كفارة الظهار وكفارة الجماع في رمضان، وبهذا قال الشافعي، وأبو ثور.
وقال أصحاب الرأي: يجوز أن يرددها على مسكين واحد في عشرة أيام، إن كانت كفارة يمين، أو في ستين إن كان الواجب إطعام ستين مسكينا، ولا يجوز دفعها إليه في يوم واحد. وحكاه أبو الخطاب رواية عن أحمد؛ لأنه في كل يوم قد أطعم مسكينًا ما يجب للمسكين، فأجزأ، كما لو أعطى غيره؛ ولأنه لو أطعم هذا المسكين من كفارة أخرى، أجزأه، فكذلك إذا أطعمه من هذه الكفارة.
ولنا، قول الله - تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89]، ومن أطعم واحدًا، فما أطعم عشرة، فما امتثل الأمر، فلا يجزئه، ولأن الله - تعالى - جعل كفارته إطعام عشرة مساكين، فإذا لم يطعم عشرة فما أتى بالكفارة، ولأن من لم يجز الدفع إليه في اليوم الأول، لم يجز في اليوم الثاني، مع اتفاق الحال.
الحال الثاني العاجز عن عدد المساكين كلهم، فإنه يردد على الموجودين منهم في كل يوم حتى تتم عشرة، فإن لم يجد إلا واحدًا، ردد عليه، تتمة عشرة أيام، وإن وجد اثنين، ردد عليهما خمسة أيام، وعلى هذا ونحو هذا قال الثوري. وهو اختيار أكثر الأصحاب". اهـ. مختصرًا.
هذا؛ والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: