معنى قول النبي فان صلاتكم معروضة علي
ان الرسول قال اكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة فان صلاتكم معروضة علي فما معنى انها معروضة عليه وهل تعرض عليه في كل الايام ام فقط يوم الجمعة
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فالحديث المذكور رواه أحمد وأصحاب السنن عن أوس بن أبي أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي"، فقالوا: يا رسول الله، وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟ - يعني وقد بليت، قال: "إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء صلوات الله عليهم".
والمراد بقوله: "فإن صلاتكم معروضة علي"، أن يعرض اسم المصلي عليه صلى الله عليه وسلم، وأنه يسمع الصلاة والسلام من القريب، وأنه يبلغه ذلك من البعيد.
قال صاحب "عون المعبود شرح سنن أبي داود"(3/ 260-261):
"(فإن صلاتكم معروضة علي)، يعني على وجه القبول فيه، وإلا فهي دائمًا تعرض عليه بواسطة الملائكة إلا عند روضته فيسمعها بحضرته... وقال بن حجر المكي: وما أفاده من ثبوت حياة الأنبياء حياة بها يتعبدون ويصلون في قبورهم، مع استغنائهم عن الطعام والشراب كالملائكة: أمر لا مرية فيه وقد صنف البيهقي جزأ في ذلك". اهـ.
وقال الطيبي في "شرح المشكاة"(4/ 1266):
"لا شك أن حفظ أجسادهم من أن ترم خرق للعادة المستمرة، فكما أن الله تعالي يحفظها منه، كذلك تمكن من العرض عليهم، ومن الاستماع منهم صلوات الأمة". اهـ.
هذا؛ وقد جاء أحاديث كثيرة في فضل الصلاة يوم الجمعة وليلتها، وفضيلة الإكثار من الصلاة عليه - بأبي هو وأمي - والسلام عليه، والله قد أمرنا أن نصلي عليه ونسلم قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].
وفي الصحيح عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى علي مرة صلى الله عليه بها عشرًا"
وشرع لنا السلام عليه في كل صلاة ونقول: "السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته"، وهذا السلام يصل إليه من مشارق الأرض ومغاربها، كما روى في النسائي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام "، وقال عليه الصلاة والسلام: "لا تجعلوا بيوتكم قبوراً، ولا تتخذوا قبري عيداً، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم"، أي: بواسطة الملائكة، والتنبيه على يوم الجمعة وخصوصيته لا ينافي استحباب الإكثار في غيره، وأن الصلاة تعرض عليه في كل وقت.
أما كيفية العرض وتفاصيل ذلك فلا نعرف إلا من جهة الشرع؛ لأن أمور الآخرة لا تدرك بالعقل، وأحوال البرزخ أشبه بأحوال الآخرة، وهو من الإيمان بالغيب، فكل ما أخبر الله تعالى به حق، وكل ما أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم حق، والله على كل شيء قدير، فحياة الأنبياء في قبورهم، والمؤمن يصدق بكل ما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، ويؤمن بكل ما أخبر به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم،، والله أعلم.
- المصدر: