حكم الصلاة مع ظهور عورة جهلا
السلام عليكم، سؤالي يتمحور حول ظهور عورة في الصلاة ، قبل فترة قرات عن ان ظهور اليدين عند رفعهما في الصلاة يعتبر عورة و انا لم اكن اعلم قبل بهذه النقطة فقد كنت انا و أمي نصلي هكذا و بعد معترفتنا صححنا صلاتنا و اصبحنا نرتدي ما يستر عند رفع اليدين سؤالي هل صلاتنا كانت خطأ و يجب علينا اعادة جميع الصلوات حتى من مدة طويلة ؟ اتمنى الرد بأسرع وقت جزاكم الله خيرا
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فقد دلّ الكتاب والسنة المستفيضة أن الله تعالى قد عفا عن الخطإ والنسيان، وكذلك كل من لم يبلغه أمر الرسول في شيء معين، لم يَثْبُت حكم وجوبه عليه؛ ؛ قال الله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15]، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأمر من صلى إلى بيت المقدس - قبل بلوغ النسخ لهم – بالقضاء، وكذلك لم يأمر المستحاضة إذا مكثت مدة لا تصلي؛ لاعتقادها عدم وجوب الصلاة عليها؛ لأنها وغيرها ممن ترك واجبًا من واجبات الصلاة معذون بالجهل، ولذلك لم يثبت أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أمر أحدًا ممن ترك واجبًا أو فعلاً محذورًا - بالإعادة بعد خروج الوقت.
وقد حقَّق هذا وبيَّنه غاية البيان شيخُ الإسلام ابن تيمية في مواضع كثيرة في "مجموع الفتاوى"، منها قوله: "النزاع بين العلماء في كلّ مَن ترك واجبًا قبل بلوغ الحجَّة، مثل ترْك الصَّلاة عند عدم الماء؛ يحسب أنَّ الصَّلاة لا تصحّ بتيمُّم، أو مَن أكَل حتَّى تبيَّن له الخيط الأبيض من الخيْط الأسود، ويحسب أنَّ ذلك هو المراد بالآية، كما جرى ذلك لبعْض الصَّحابة، أو مسَّ ذكره أو أكَلَ لحْمَ الإبل ولم يتوضَّأ، ثمَّ تبيَّن له وجوب ذلك، وأمثال هذه المسائِل: هل يجب عليه القضاء؟ على قولَين في مذهبِ أحمد وغيره، وأصل ذلك: هل يثبت حكْم الخطاب في حقّ المكلَّف قبل التمكُّن من سماعه؟ على ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره؛ قيل: يثبت مطلقًا، وقيل: لا يثبت مطلقا، وقيل: يفرّق بين الخِطاب النَّاسخ والخطاب المبتدأ، كأهْل القبلة، والصَّحيح الَّذي تدلّ عليه الأدلَّة الشرعيَّة: أنَّ الخطاب لا يثبت في حقّ أحدٍ قبل التمكُّن من سماعه؛ فإنَّ القضاء لا يَجب عليْه في الصُّور المذْكورة ونظائِرها، مع اتِّفاقهم على انتِفاء الإثم؛ لأنَّ الله عفا لهذه الأمَّة عن الخطأ والنِّسيان، فإذا كان هذا في التَّأثيم، فكيف في التَّكفير؟! وكثيرٌ من النَّاس قد ينشأ في الأمكِنة والأزمنة التي يندرِس فيها كثيرٌ من علوم النبوَّات حتَّى لا يبقى مَن يبلغ ما بعث".
وقال في موضع آخر: "وما ترك لجهلِه بالواجب، مثل مَن كان يصلِّي بلا طمأنينة، ولا يعلم أنَّها واجبة - فهذا قد اختلفوا فيه: هل عليه الإعادة بعد خروج الوقت أو لا؟ على قولين معروفين، وهما قولان في مذهب أحْمد وغيره، والصَّحيح أنَّ مثل هذا لا إعادة عليه".
وقال في معرض كلامه على من صلَّى بلا وضوء أو وهو جنب، ولا يعلم أنَّ الله أوْجب الوضوء والغسل: "وأصل هذا أنَّ حكم الخطاب: هل يثبت في حقّ المكلَّف قبل أن يبلغه؟ فيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره؛ قيل: يثبت، وقيل: لا يثبت، وقيل: يثبت المبتدَأُ دون النَّاسخ، والأظهر أنَّه لا يجِبُ قضاء شيء من ذلك، ولا يثبُت الخطاب إلاَّ بعد البلاغ؛ لقوله تعالى: {لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ} [الأنعام: 19]، وقوله: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [الإسراء: 19]، ولقوله: {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، ومثل هذا في القرآن متعدِّد، بيَّن سبحانه أنَّه لا يعاقب أحدًا حتَّى يبلغه ما جاء به الرَّسول، ومَن علِم أنَّ محمَّدًا رسول الله فآمن بذلك، ولم يعلَم كثيرًا ممَّا جاء به - لم يعذِّبْه الله على ما لم يبلغْه، فإنَّه إذا لم يعذِّبْه على ترك الإيمان بعد البلوغ، فإنَّه لا يعذِّبه على بعض شرائطه إلاَّ بعد البلاغ أوْلى وأحْرى، وهذه سنَّة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - المستفيضة عنْه في أمثال ذلك". اهـ.
إذا تقرر هذا؛ فلا يجب عليكِ قضاء الصلوات الفائتة؛ لجهلك بالحكم.
- المصدر: