هل يصح الخلع بغير عوض
السلام عليكم .. سؤال ياشيخ تم الخلع بين رجل وزوجته في المحكمة أمام القاضي وتم الأتفاق أمام الشيخ بـ أن تعيد الزوجة المهر كامل خلال ٣ أشهر مالحكم اذا رفضت الزوجة ارجاع المهر خلال المهلة المحددة وهل يعتبر الخلع صحيحا اذا لم ترجع المبلغ.. والرجل كيف يرجع ماله منها؟ وشكرا
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن الله سبحانه وتعالى قد سمى الخلع فدية، وهو دليل على أن فيه معنى المعاوضة كالبيع، ومن ثم لا بد أن يكون الخلع بعوض، فإذا خلا عن العوض فليس بخلع، وإنما هو طلاق إذا وقع بلفظ الطلاق، فأما إذا كان فسخًا فلا يجوز.
قال شيخ الإسلام ابن تيمة في "مجموع الفتاوى" (32/303): "وقد اختلف العلماء في صحة الخلع بغير عوض على قولين هما روايتان عن أحمد، أحدهما: كقول أبي حنيفة والشافعي وهي اختيار أكثر أصحابه - يعني: لا يصح –
والثاني: يصح كالمشهور في مذهب مالك وهي اختيار الخرقي، وعلى هذا القول فلا بد أن ينوي بلفظ الخلع الطلاق ويقع به طلاق بائن لا يكون فسخاً على الروايتين نص على ذلك أحمد". اهـ.
وجاء في "المستدرك على مجموع الفتاوى" (4/ 223):
"ويصح الخلع بغير عوض، وتقع به البينونة إما طلاقًا وإما فسخًا على إحدى القولين، وهذا مذهب مالك المشهور عنه في رواية ابن القاسم، وهو الرواية الأخرى عن الإمام أحمد، اختارها الخرقي.
وهذا القول له مأخذان، أحدهما: أن الرجعة حق للزوجين، فإذا تراضيا على إسقاطها سقطت.
والثاني: أن ذلك فرقة بعوض؛ لأنها رضيت بترك النفقة والسكن ورضي هو بترك استرجاعها. وكما أن له أن يجعل العوض إسقاط ما كان ثابتًا لها من الحقوق كالدين، فله أن يجعله إسقاط ما ثبت لها بالطلاق، كما لو خالفها على نفقة الولد. وهذا قول قوي وهو داخل في النفقة من غيره". اهـ.
وقال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد"(5/ 599):
"فإن قيل: فكيف يجوز الخلع بغير عوض في أحد القولين في مذهب مالك وأحمد، وهل هذا إلا اتفاق من الزوجين على فسخ النكاح بغير عوض؟ قيل: إنما يجوز أحمد في إحدى الروايتين الخلع بلا عوض إذا كان طلاقًا، فأما إذا كان فسخا فلا يجوز بالاتفاق، قاله شيخنا رحمه الله. قال: ولو جاز هذا لجاز أن يتفقا على أن يبينها مرة بعد مرة من غير أن ينقص عدد الطلاق، ويكون الأمر إليهما إذا أرادا أن يجعلا الفرقة بين الثلاث جعلاها وإن أرادا لم يجعلاها من الثلاث، ويلزم من هذا إذا قالت فادني بلا طلاق أن يبينها بلا طلاق، ويكون مخيرا إذا سألته إن شاء أن يجعله رجعيا وإن شاء أن يجعله بائنا، وهذا ممتنع، فإن مضمونه أنه يخير إن شاء أن يحرمها بعد المرة الثالثة". اهـ.
وعليه، فإن كان الخلع قد تم بلفظ الفسخ أو نحوه فلا يصح حتى ترد ما اتفقوا عليه، وإن كان قد وقع بلفظ الطلاق فيقع به الطلاق.
أما استرداد المال منها فيمكنك الرجوع إلى القاضي الذي حكم بالخلع ليلزمها بالدفع،، والله أعلم.
- المصدر: