هل للفتاة التي لديها علاقات محرمة الزواج بغيرهم
خالد عبد المنعم الرفاعي
الزواج هل يجوز للفتاة الزواج التي كان لديها علاقات محرمة لكنها لم تصل الى الزنا الحقيقي الموجب للحد يعني من الزنا المجازي... وارسلت صورا غير محتشمة بكشف اجزاء من جسدها حرام ان تكشفها وما زالت تلك الصور موجودة لدى الشباب ولا تستطيع ان تحذفها او تتكلم معهم لاسباب فهل يجوز لها الزواج بغير هؤلاء الشباب وهل اذا تزوجت يكون زواجها صحيحا برغم بأن تلك الصور لم تحذف
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فمما لا شك فيه أن الاعتبار في الحكم على الأشخاص بما هم عليه الآن، وأن الحكم على الإنسان بكمال النهاية وليس بنقص البداية، ومعلوم أن التوبة الصادقة تجب ما قبلها، والإنسان ينتقل من حال إلى حال، والعاقل لا ينظر إلى النقص الأول بل ينظر إلى كمال الآخر.
وهو ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية في مواضع من كتبه منها ما قاله في "مجموع الفتاوى" (10/ 299):
"والاعتبار بكمال النهاية لا بما جرى في البداية؛ والأعمال بخواتيمها، والله تعالى خلق الإنسان وأخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئًا، ثم علَّمه فنقله من حال النقص إلى حال الكمال، فلا يجوز أن يعتبر قدر الإنسان بما وقع منه قبل حال الكمال، بل الاعتبار بحال كماله". اهـ.
والإنسان بطبيعة خلقته وتكوينه لا ينفك عن المعصية، فلا يَضُرُّ المسلم ما كان منه قبل التوبة.ولكن المؤمن إذا أذنب تاب واستغفر وستر على نفسه، وليس في التوبة نقص كما قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في "منهاج السنة النبوية" (2/ 429-434):
"فليس مَن تاب إلى الله تعالى، وأناب إليه؛ بحيث صار بعد التوبةِ أعلى درجةً مما كان قبلها - منقوصًا ولا مغضوضًا منه، بل هذا مُفضل عظيم مكرم...، وإذا عرف أنَّ أولياء الله يكون الرجل منهم قد أسلم بعد كفرِه، وآمن بعد نفاقه، وأطاع بعد معصيته، كما كان أفضل أولياء الله مِن هذه الأمة، وهم السابقون الأولون.
والإنسانُ ينتقل مِن نقصٍ إلى كمال، فلا ينظر إلى نقص البداية، ولكن ينظر إلى كمال النهاية، فلا يُعاب الإنسانُ بكونه كان نطفةً، ثم صار علقة، ثم صار مضغة، إذا كان الله بعد ذلك خَلَقَهُ في أحسن تقويم، ومَن نَظَر إلى ما كان، فهو مِن جنس إبليس الذي قال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [ص: 76]".
وقال (6/ 209-211): "وبالجملة، ليس علينا أن نعرفَ كل واحد تاب، ولكن نحن نعلم أن التوبةَ مشروعة لكل عبد؛ للأنبياء ولمَن دونهم، وأن الله سبحانه يرفع عبده بالتوبة، وإذا ابتلاه بما يتوب منه، فالمقصودُ كمالُ النهاية، لا نقص البداية؛ فإنه تعالى يُحب التوابين، ويُحب المتطهرين، وهو يُبدل بالتوبة السيئات حسنات، والذنبُ مع التوبة يوجب لصاحبه مِن العبودية والخشوع والتواضع والدعاء وغير ذلك ما لم يكنْ يَحْصُل قبل ذلك". اهـ.
فاطو عنك تلك الصفحة، وأقبلي على الله بالتوبة الصادقة والأعمال الصالحة، واستري على نفسك ولا تخبري أحدًأ بتلك المعاصي.
أما الزواج فهو صحيح بلا ريب،، والله أعلم.