من فاتَتْهُ صلاة العصر وأدرك جماعةَ المغرب

خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال:

لم استطع ان اصلي العصر ودخل المغرب علي والامام يصلي المغرب ماذا افعل

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فمَن فاتَتْهُ صلاة العصر ثم أدرك جماعةَ المغرب، فإنه يصلي معهمُ المغرب أولًا، ثم يصلي العصر بعدَهُ؛ وهذه المسألة مستثناه من وجوب الترتيب بين الصلوات، فقد سُئِلَ شيخُ الإسلام عن رجل فاتَتْهُ صلاة العصر، فجاء إلى المسجد، فوجد المغرب قد أقيمت، فهل يصلي الفائتة قبل المغرب أو لا ؟

فأجاب: "الحمدُ لله ربِّ العالمين، بل يصلي المغرب مع الإمام، ثُمَّ يصلي العصر؛ باتِّفاق الأئمَّة، ولكن هل يعيدُ المغرب؟ فيه قولان:

أحدُهُما: يعيد، وهو قول ابنِ عُمر، ومالكٍ، والشَّافعي، وأبى حنيفةَ، وأحمدَ في المشهور عنه.

والثاني: لا يُعيد المغرب، وهو قول ابنِ عبَّاس، وقول الشافعي، والقول الآخَر في مذهب أحمد. والثَّاني أصحُّ؛ فإنَّ الله لم يوجِبْ على العبد أن يصلِّي الصلاةَ مرَّتين، إذا اتَّقى الله ما استطاع". اهـ.

هذا؛ ولا يجوز تعمد تأخير عن وقتها من غير نَوْم ولا نِسْيان، ومن فعل فقد أتى كبيرة من أعظم الكبائر، وأداء الصلاة في وقتها من أوكد فرائض الصلاة، وقد توعد الشارع الحكيم على تأخير الصلاة عمومًا وصلاةُ العصر خصوصًا؛ ففي الصحيحَيْنِ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن فَاتَتْهُ صلاة العصر، فكأنما وُتِرَ أهلَهُ ومالَهُ))، وفيهما أيضاً قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن فاتَتْهُ صلاة العصر فقد حَبِطَ عملُهُ)).

قال شيخ الإسلام: "تَفْوِيتُ العصر أَعْظَمُ مِن تفويت غيرِها؛ فإنَّها الصلاة الوُسْطَى المخصوصةُ بالأمر بالمحافظة عليها، وهي التي فُرِضَتْ على مَن كان قَبْلَنا فضَيَّعُوها".

فمَن كان مستيقِظاً ذاكِراً للصلاة حَرُمَ عليه تأخيرُها بحالٍ، واختُلِفَ في كُفْرِهِ؛ قال شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَّةَ: "فلم يُجَوِّزُوا تأخير الصلاة حال القتال بل أَوْجَبوا عليه الصلاة في الوقت، وهذا مذهب مالك والشافعيِّ وأحمدَ في المشهور عنه، وعن أحمدَ روايةٌ أخرى أنه يُخَيَّرُ حالَ القتال بين الصلاة وبين التأخير، ومذهب أبي حنيفةَ: يَشتَغِل بالقتال، ويصلي بعد الوقت".

وأما تأخير الصلاة لغير الجهاد؛ كصناعةٍ أو زراعةٍ أو صيدٍ أو عَمَلٍ منَ الأعمال ونحو ذلك: فلا يُجَوِّزُهُ أحدٌ منَ العُلماء وإنما يُعْذَرُ بالتأخير النائمُ والناسي؛ فلا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها لجنابةٍ ولا حَدَثٍ ولا نجاسة ولا غيرِ ذلك؛ بل يصلي في الوقت بِحَسَبِ حالِهِ؛ فإن كان مُحْدِثاً وقد فَقَدَ الماءَ أو خاف الضرَرَ باستعماله تَيَمَّمَ وصلَّى، وكذلك الجُنُبُ يَتَيَمَّمُ ويُصلي إذا فَقَدَ الماءَ أو خاف الضرر باستعماله لمرض أو لبَرْد، وكذلك العُريان؛ يصلي في الوقت عُرياناً، ولا يُؤَخِّرُ الصلاة لِيُصَلِّيَ بعد الوقت في ثيابه، وكذلك إذا كان عليه نجاسة لا يَقْدِرُ أن يُزيلَها فيُصَلِّي في الوقت بِحَسَبِ حالِهِ وهكذا المريضُ يُصلِّي على حَسَبِ حاله في الوقت،، والله أعلم.