كيف أواظب على للصلاة وانا لدى دروس
انا فى المرحلة الثانوية العامة والدروس كثيرة وبعضها يكون فى وقت الصلاة ووقت ما ارجع اشعر بكسل حتى أوخر الصلاة إلى قبل النوم فكيف اصحح هذا لانه سبب غير مباشر فى مشكلة كبيرة لدى
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعدُ:
فلا يكاد يخفى على المسلم عظيم قدر الصلاة عند الله – تعالى - ومكانتها الكبيرة في الدين الإسلامي، وأنها أول ما يُنظر فيه من أعمال المسلم يوم القيامة؛ فإن حافظ عليها فاز وربح، وإن ضيَّعها خاب وخسر.
قال – تعالى -: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، وقال – تعالى -: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103].
فالمواظبة على الصلاة عنوان الفلاح في الدنيا والآخرة، وقد وصف الله الأخيار بأنهم {عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 23]، ووصفهم بأنهم: {عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المؤمنون: 9].
وتأخير الصلاة عن وقتها من غير عذر يبيح الجمع بين صلاتي النهار وصلاتي الليل، من كبائر الذنوب؛ قال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}[الماعون :4-5]، قال سعد بن أبي وقاص وابن عباس: هم الذين يؤخرونها، وقال - تعالى -:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59].
فلا يجوزُ للمسلم الجمع بينَ الصلواتِ إلا إذا دعت الضرورة أو المصلحة الراجحة؛ لأنَّ النبيَّ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - وقَّتَ الصلواتِ، وجعلَ لكلِّ صلاةٍ وقتًا محددًا، فتقديمُ الصلاةِ عنْ وقتِها أو تأخيرُها عنْ وقتِها بدونِ عذرٍ شرعيٍّ، مِنْ تعدِّي حدودِ اللهِ - عزَّ وجلَّ – وقدْ قالَ اللهُ - تعالى -: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229].
غير أنه يجوز لك الجمع بين صلاتي العصر مع الظهر، والجمع بين المغرب والعشا، إن لم تتمكن من الصلاة في الوقت، أو كان سيلحقك من ترك الحصة ضرر غير محتمل، أو لم تستطع فهم ما سوف يفوتك بمفرد، فيجوز لك حينئذ ء الجمع؛ لأن الجمع بين الصلاتين ليس مقتصرًا على المسافر، وإنما شرع الله الجمع بين الظهر والعصر تقديما في وقت الظهر أو تأخيرًا في وقت العصر، وكذلك الجمع بين المغرب والعشاء تقديمًا أو تأخيرًا من أجل الحاجة والمصلحة الراجحة، ورفعًا للحرج.
ففي الصحيحين عن ابن عباس: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعًا، وثمانيًا، الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وفي رواية عند مسلم: "جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة، في غير خوف، ولا مطر"، في حديث وكيع: قال: قلت لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: "كي لا يحرَج أمته"، وفي حديث أبي معاوية: قيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: "أراد أن لا يحرج أمته".
قال لنووي في "شرح مسلم: (5/ 219):
"وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة، وهو قول بن سيرين وأشهب من أصحاب مالك، وحكاه الخطابي عن القفال والشاشي الكبير من أصحاب الشافعي عن أبي إسحاق المروزي عن جماعة من أصحاب الحديث، واختاره بن المنذر؛ ويؤيده ظاهر قول بن عباس أراد أن لا يحرج أمته، فلم يعلله بمرض ولا غيره والله أعلم". اهـ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (22/ 292) في معرض كلامه أن ما شرعه الله للحاجة يجوز في الحضر والسفر: " الصلاة على الدابة والمتيمم وكأكل الميتة، فهذه جاءت للحاجة وكذلك يجوز في الحضر والجمع هو من هذا الباب. إنما جاز لعموم الحاجة لا لخصوص السفر؛ ولهذا كان ما تعلق بالسفر إنما هو رخصة قد يستغنى عنها، وأما ما تعلق بالحاجة فإنه قد يكون ضرورة لا بد منها".
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن طالبة أحياناً يصادف وقت دوام المدرسة قبل موعد الصلاة أي في الساعة الثانية عشر ظهراً والرابعة والنصف عصراً ولا أستطيع الصلاة في المدرسة لعدم وجود المكان المناسب للصلاة ولذلك أضطر لأن أجمع عدة فروض في آنٍ واحد تتعدى أحياناً ثلاثة فروض فما حكم صلاتي أرشدوني جزاكم الله خيراً؟
فأجاب رحمه الله تعالى: أما الجمع بين الصلاتين اللتين يجمع بينهما فلا بأس به في هذه الحال؛ لأنه حاجة فلها مثلاً أن تجمع بين الظهر والعصر، أو بين المغرب والعشاء، وأما الجمع بين العصر والمغرب مثلاً، فإنه لا يجوز إذ لا يجوز إخراج الصلاة عن وقتها بأي حالٍ من الأحوال، وعليها في هذه الحال إذا خافت أن يخرج وقت الصلاة الحاضرة التي لا تجمع لما بعدها عليها أن تصلىها على أي حالٍ كانت، وإذا كانت مثلاً تذهب إلى المدرسة في وقت صلاة العصر، ولا تتمكن من صلاة العصر هناك فلتجمع العصر إلى الظهر جمع تقديم، وتذهب إلى المدرسة وقد أدت الواجب عليها.
والخلاصة أنه لا يجوز للمرأة ولا لغير المرأة أن تجمع بين صلاتين لا يجوز الجمع بينهما وإنما الجمع بين الصلاتين اللتين يجوز الجمع بينهما كالجمع بين الظهر والعصر، إما تقديماً وإما تأخيراً والجمع بين المغرب والعشاء، إما تقديماً وإما تأخيراً حسبما تكون الحاجة داعية إليه". اهـ. من فتاوى نور على الدرب للعثيمين (8/ 2).
هذا؛ وأعظم ما يعينك على المواظبة على أداء الصلاة:
- أخذ النفس بالقوَّة وعدم التَّهاون معها في أمر الآخرة؛ قال تعالى: {خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 63]، وقال: {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} [الأعراف: 145]، وقال: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12]، وقال - صلى الله عليه وسلَّم - فيما رواه البُخاري: ((فسدّدوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والرَّوحة، وشيءٍ من الدُّلْجة)).
- البعد عن المعاصي والسيّئات، كبيرها وصغيرها.
- المواظبة على عمل اليوم والليلة من صلاةٍ، وقراءة القرآن الكريم بتدبّر، والتزوّد من العلم النَّافع، مع قراءة سِيَرِ وتراجم الرَّعيل الأوَّل؛ فإنَّه من أعظم ما يعين على الحقّ.
- التوجُّه إلى الله بالدعاء، والحرص على متابعة المؤذِّن، وترديد: (لا حول ولا قوة إلا بالله) عند قول المؤذِّن: (حي على الصلاة، حي على الفلاح).
- البعد عن رفقاء ومجالس السوء؛ فإن الإنسان يتأثر بجليسه وصاحبه - ولا محالة؛ ولذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَثَل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيَكَ، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبةً، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة))؛ رواه البخاري ومسلم من حديث أبي موسى.
- الاستعانة بالله تعالى، وصدق الالْتِجاء إليه، والعمل بِمقتضى كتابِه أمرًا ونَهيًا، واتّباع سنَّة نبيّه - صلى الله عليه وسلَّم - مع نَبْذِ الخُمول والكسل، ومع لزوم الاستِعاذات: "اللهُمَّ إنّي أعوذُ بك من العَجْزِ والكَسَل، والجُبْن والهَرَم، وأعوذ بك من فِتْنة المحيا والممات، وأعوذُ بك من عذاب القبر"؛ رواه البخاري.
والإكثار من الدّعاء بالثبات، فقد كان مِن دعاء النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: ((اللَّهُمَّ يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينِك))؛ رواه أحمد.
هذا؛ والله أعلم.
- المصدر: