أحكام انكشاف عورة الإمام، وهل يجوز للمأموم مفارقته؟
مأموم رأى عورة الإمام تنكشف عند السجود، ولا يستطيع أن ينبه الإمام على ذلك، فنوى أن ينفرد بصلاته، ويصلي وحده، ومن ثَمَّ أخبر الإمام بذلك بعد الصلاة. هل فعله صحيح؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فصلاة المأموم صحيحة؛ لأنه انفرد عن الإمام لعذر انكشاف العورة.
قال المرداوي الحنبلي في «الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف» (٢/ 31 ت الفقي): (فَإِنْ أَحْرَمَ مَأْمُومًا ثُمَّ نَوَى الِانْفِرَادَ لِعُذْرٍ جَازَ) بِلَا نِزَاعٍ. اهــ.
وقال ابن قدامة في «المغني ت التركي» (٣/ 75): وإنْ أحْرَمَ مَأْمُوما، ثم نَوَى مُفَارَقَةَ الإِمامِ، وإِتْمَامَها مُنْفَرِدًا لِعُذْرٍ جَازَ ... والأَعْذَارُ التي يَخْرُجُ لأجْلِها، مثل المَشَقَّةِ بِتَطْوِيلِ الإِمَامِ، أو المَرَضِ، أو خَشْيَةِ غَلَبَة النُّعَاسِ، أو شَيْءٍ يُفْسِدُ صلاتَه، أو خَوْفِ فَوَاتِ مالٍ، أو تَلَفِه، أو فَوْتِ رُفْقَتِه، أو من يَخْرُجُ من الصَّفِّ لا يَجِدُ من يَقِفُ معه، وأشْبَاه هذا. اهــ.
وأما الإمام نفسه؛ فإن صحة صلاته تنبني على مقدار ما انكشف من عورته. هل هو يسير أم فاحش، وهل طال زمن الانكشاف أم قصر؟.
والذي يظهر من السؤال أن الإمام لم يستر عورته التي انكشفت؛ لأنه لم يكن يعلم بها، والمفتى به عندنا أنه إذا كان الانكشاف فاحشًا، ولم يستره المصلي، وطال الزمن؛ فقد بطلت صلاته، وإذا كان الانكشاف يسيرا لا فاحشا لم تبطل صلاته.
وإذا بطلت صلاته، فإن صلاة المأمومين الذين أتموا الصلاة خلفه لا تبطل إذا خفي عليهم الأمر، وقد نص كثير من الفقهاء على أن كل مبطل لصلاة الإمام، إذا كان يخفى على المأموم, ولا يمكنه الاطلاع عليه، فإنه لا تبطل به صلاة المأموم.
قال ابن حجر الهيتمي الشافعي في الفتاوى الفقهية الكبرى: كُل مُبْطِلٍ لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاع عَلَيْهِ إذَا طَرَأَ -كَنِيَّةِ الْقَطْعِ- لَا يُؤَثِّرُ فِي صَلَاةِ الْمَأْمُوم، بِخِلَافِ مَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاع عَلَيْهِ, وَلَوْ بِوَجْهٍ مَا. اهـ.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: