مسائل في النمص
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته جزاكم الله كل الخير ع سعه صدركم لاستقبال اسألتنا وجزيتم الجنه انا فتاه ف ال٢٠ من عمرى علمت أن عمل الحواجب محرم وأنه نمص فامتنعت عن عملها ولكن عملت أنها ليست محرمه بالمجمل ولكن هناك تفصيل ل جواز ازاله الشعر الزائد وغير ذلك ولا اعلم أابقى عما انا عليه وأثبت على عدم الاقتراب منها مره اخرى ام ماذا المحرم فيها وما الجائز وما معنى النمص فى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ارجو الافاده وجزاكم الله كل الخير
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالنَّمص الذي حرمه الشارع الحكيم هو نتفُ شَعْرِ الحاجِبَيْنِ خاصة، وهو قول جمهور الفقهاء، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يشمل شعر الوَجْهِ أيضًا، والراجحُ عند الأكثر أنَّ التَّوعُّد باللَّعْنِ على أخْذُ شيءٍ من حاجبَيْها.
ففي الصَّحيحَين لما ثبت عن عبدالله بن مسعود - رضِي الله عنْه - أنَّه قال: "لعن اللهُ الواشِمات والمستوْشِمات، والمتنمِّصات، والمتفلِّجات للحُسن، المغيِّرات خلق الله تعالى"، وقال: "ما لي لا ألعَنُ مَن لعن رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو في كتاب اللَّه؛ قال اللَّه تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر: 7]".
وروى أبو داود في سُنَنِه عن ابن عباس - رضِي الله عنْهُما - قال: "لُعِنَت الواصلة والمستوْصِلة، والنَّامصة والمتنمِّصة، والواشمة والمستوْشِمة من غير داء".
قال أبو داود: وتفسير الواصِلة: التي تصِل الشَّعر بشعر النِّساء، والمستوصلة: المعمول بها، والنَّامصة: التي تنقش الحاجِبَ حتَّى ترقَّه، والمتنمِّصة: المعمول بها.
والواشمة: التي تجعل الخِيلان (جمع خال) في وجهِها بكحل أو مداد، والمستوشمة: المعمول بها.
قال الحافظ في "الفتح": "والمتنمِّصة: التي تطلب النماص، والنَّامصة: التي تفعله، والنماص: إزالة شعر الوجْه بالمنقاش، ويسمَّى المنقاش منماصًا لذلك، ويقال: إنَّ النماص يختصُّ بإزالة شعر الحاجبين لترقيقِهما وتسويتهما".
وذهب جماهير أهل العلم إلى تحريم النَّمص، قليلِه وكثيرِه؛ استِدْلالا بحديث ابن مسعود وابن عبَّاس، وهو المعتمَد عند الحنابلة كما قال ابن مفلح في "الفروع": "ويحرم نمص".
وقال ابن قدامة في "المغني" بعد ذكر حديث ابن مسعود: "فهذه الخصال محرَّمة؛ لأنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لعن فاعِلَها، ولا يجوز لعْنُ فاعل المباح".
غير أن أهل العلم استثنوا من ذلك إزالةِ الشَّعْرِ بَيْنَ الحاجِبَيْن لعدَمِ وُرُودِ نَهْيٍ عنْ إزالَتِه في الشَّرع؛ فهو مسكوتٌ عنه ولَم يأْتِ في الشَّرع ما يَنْهَى عن إزالته أو إبقائه، كما أنه لا يدخل في حدِّ النَّمص المنهي، لا سيَّما إذَا كان فيه تشويهٌ للخِلْقة.
وقد سُئِلَتِ اللَّجنة: "ما حُكم الإسلام في نَتْفِ الشَّعر الذي بين الحاجبين؟ فأجابت: يَجوزُ نتفه؛ لأنَّه ليس من الحاجبين".
وكذلك أجاز أهل العلم قصُّ شعر الحاجب، أو كان خارجًا عن الحدِّ المألوف، بحيث يكون مُلفتًا للأنظار، أو مشوه للخلقة، أو زاد منَ الشعر بحيث يحجبه عنِ النظر بتساقطه على العين، ؛ فهذا جائزٌ، وإن كان تَرْكُهُ أحوط.
وذهب الحنابلة إلى جواز الحفِّ والحَلْق، وأنَّ المنهيَّ عنه هو النَّتْف فقط، وخالف المالكيَّة والشَّافعيَّة حيث ذهبوا إلى أنَّ الحفَّ في معنى النَّتْف.
قال في "الإنصاف": "ولها حَلْقُهُ وحَفُّه، نُصَّ عليهما, وتحسينه بتحميرٍ ونحوه. وكره ابن عَقيل حَفَّه كالرَّجل، فإن أحمد كرهه له, والنَّتْف بمِنْقَاشٍ لها".
وقال العلامة ابن عُثَيْمين – رحمه الله تعالى -: "تخفيف شعر الحاجب إذا كان بطريق النَّتْف؛ فهو حرامٌ؛ بل كبيرةٌ منَ الكبائر؛ لأنَّه من النَّمْص الذي لَعَنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَنْ فَعله ... وإذا كان بطريق القَصِّ أو الحَلْق؛ فهذا كرهه بعض أهل العلم، ومنعه بعضهم، وجعله من النَّمْص، وقال: إنَّ النَّمْص ليس خاصًّا بالنَّتْف؛ بل هو عامٌّ لكل تغيير لشَعْرٍ لم يأذن الله به، إذا كان في الوجه.
ولكن الذي نرى أنه ينبغي للمرأة - حتى وإن قلنا بجواز أو كراهة تخفيفه بطريق القصِّ أو الحَلْق - ألا تفعل ذلك، إلا إذا كان الشَّعْر كثيراً على الحواجب؛ بحيث ينزل إلى العين؛ فيؤثِّر على النَّظر؛ فلا بأس بإزالة ما يؤذي منه". اهـ.
هذا؛ والله أعلم.