حكم الدعاء بالتوبة لمن هو مستمر على المعاصي الكبيرة والصغيرة
ماحكم من يدعوا بقول رب ارزقني توبة نصوحة قبل الموت وهو مستمر على المعاصي الكبيرة والصغيرة هل يكفر والعياذ بالله ام لا
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فمما لا شك فيه أن الاستعانة بالله تعالى ودعائه بالتوفيق للتوبة من هدي أنبياء الله تعالى؛ كما قال سبحانه على لسان خليله إبراهيم، وابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 127، 128].
فالمقيم على الذنب مفتقر لرحمة الله تعالى ليرجع عن ذنبه، والدعاء بيقين بالمغفرة من أعظم أساب العون على التوبة، مع العزم في الدعاء، والجزم في الطلب، واليقين في الإجابة؛ لعلمه بعظيم قدر ما يُطلب من المغفرة والرحمة، وقد وعد الله المضطر بالإجابة بقوله: {أَمَّن يُجِيبُ المُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ}.
فالله تبارك وتعالى حَييٌّ كريم، يَستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفرًا، كما صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد رغَّب الله عباده في سؤاله سبحانه، وأعلَمَنا بِما كتَبَه على نفسه من الاستجابة لكل مَن يدعوه فقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]، وقال: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60].
والحاصل أن المستمر على المعصية أحوج ما يكون للتوجُّه إلى الله تعالى بالدعاء والضراعة، والاستسلام والافتقار أن يوفقه الله بالتوبة،، والله أعلم.
- المصدر: