التوبة من الخيانة والاختلاس
خالد عبد المنعم الرفاعي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، انا ظلمت ناس كثر واشتغلت في عده مجالات وكنت اخون ما ااتمنني عليه صاحب العمل باخذ اموال من المحل دون علمه ولكني قررت ان اتوب إلى الله تعالى وان استقيم واريد ان ابرئ ذمتي واتطهر من ذنوبي وقد قررت طلب العفو والمسامحه من الناس على الاقل الذين اتذكرهم وتواصلت معهم والحمدلله على فضله ان جعل كل من طلبته العفو والمسامحه قد سامح لوجه الله سوا كان دين عندي او اخذته دون وجه حق الا واحد رفض وطلب معرفه كم المبلغ بالتحديد وانا لا اعلم كم بالضبط وقال لي كذاب ومراوغ وغامض
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
فالحمد لله على توفيقه لك للتوبة من تلك الكبيرة؛ فإن الله تعالى جواد كريم غفور رؤوف رحيم، لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، وكتَبَ على نفسه الرحمة، وضمَّن الكتاب الذي كتبه أن رحمته تغلب غضبه، فهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها، كما أنه أشدُّ فرحًا بتوبة التائب من الفاقد لراحلته التي عليها طعامه وشرابه في الأرض المهلكة إذا وجدها، وتعرَّفَ إلى خلقه بصفاته وأسمائه، وتحبَّب إليهم بإحسانه وآلائه، وسعتْ رحمته كلَّ شيء، وأحاط بكل شيء علمًا، وهو سبحانه لم يُكلِّفنا إلا وسعنا؛ قال الله تعالى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} [النساء: 147]، وقال سبحانه: {إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}[الفرقان: 70]، وقال: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } [الشورى: 25].
ومن شروط التوبة النصوح من السرقة أن يرد المظالم إلى أصحابها أو قيمتها، أو يطلب منهم العفو والمسامحة؛ لأن أصحاب الحقوق إن لم يأخذوها في الدنيا فستُسْتوفَى إليهم يومَ القِيامَةِ؛ كما في "صحيح البخاري" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ ولا دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ)).
أما الرجل الذي لم يسامحك فالواجب عليك أن تردّ إليه جميع ما أخذته منه، وإن كنت لا تستطيع تحديد القيمة الصحيحة، فيجب عليك الاجتهاد للوصول إلى الرقم الصحيح أو رقم تقريبي، حتى يغلب على ظنك أنك وفيته، ثم تتحلله بعد ذلك.
ولتكثر من الأعمال الصالحة، والالتجاء إلى الله تعالى بكثرة الدعاء، وخاصَّة في أوقات الإجابة، وكذلك المحافظة على أداء ما افترضَهُ الله تعالى عليها، والإكثار من النوافل؛ قال الله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114]،، والله أعلم.