أرباح ناتجة من التجارة برأس مال حرام
خالد عبد المنعم الرفاعي
جنيت مبلغ من الانترنيت عن طريق وضع عروض من معلنين في موقعي ربحي(دخول في موقع معلن وفتح حساب او تحميل تطبيق معلن وتنفيذ مهمة مطلوبة من معلن)ومعلن يدفع لي لكل منفذ وانا ادفع لمستخدم.انا قمت باحتيال على معلنين انفذ عروضهم بنفسي واكرر ذالك.آخذت ذالك مبلغ اتجرت به في حلال وجنيت ارباح معتبرة و لازال لحد الان سؤال : ما حكم مبلغ الذي جنيته في بداية ؟ و ما حكم الارباح ناتجة عن تجارة التي قمت ولازلت اعمل فيها لعدم اجادي البديل؟واذا تخلصت من نصف ربحي حالي هل ارباح قادمة من نفس تجارة حلال علي ١٠٠٪
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فالذي فهمناه من سؤالك أنك قمت بالاحتيال على أولئك المعلنين بأن أخذت ما لا يحل لك؛ لزيادة ربحك.
أما ما قمت به من الاتجار بهذا المال المحرم أو المسروق بالاحتيال، فإن نماء الغصب وربحه يملكه الغاصب في أحد قولي العلماء؛ لأنه نماها بعمله واجتهاده، وهو مذهب المالكية والشافعية حيث نصوا على أن الربح تابع للعمل والجهد، وذهب الحنفية والحنابلة إلى أن الربح تابع لرأس المال.
ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية أن الربح يكون بين الغاصب وصاحب المال؛ كما يكون بينهما، وهو ما يقتضيه النظر الصحيح، وقواعد الترجيح.
قال في "مجموع الفتاوى" (30/ 322-323): "أما المال المغصوب إذا عمل فيه الغاصب حتى حصل منه نماء، ففيه أقوال للعلماء: هل النماء للمالك وحده؟ أو يتصدقان به؟ أو يكون بينهما؛ كما يكون بينهما إذا عمل فيه بطريق المضاربة والمساقاة والمزارعة، وكما يدفع الحيوان إلى من يعمل عليه بجزء من دره ونسله، أو يكون للعامل أجرة مثله إن كانت عادتهم جارية بمثل ذلك؛ كما فعل عمر بن الخطاب لما أقرض أبو موسى الأشعري ابنيه من مال الفيء مائتي ألف درهم، وخصهما بها دون سائر المسلمين، ورأى عمر بن الخطاب أن ذلك محاباة لهما لا تجوز وكان المال قد ربح ربحًا كثيرًا بلغ به المال ثمانمائة ألف درهم، فأمرهما أن يدفعا المال وربحه إلى بيت المال، وأنه لا شيء لهما من الربح؛ لكونهما قبضا المال بغير حق، فقال له ابنه عبد الله: إن هذا لا يحل لك؛ فإن المال لو خسر وتلف كان ذلك من ضماننا، فلماذا تجعل علينا الضمان ولا تجعل لنا الربح؟ فتوقف عمر، فقال له بعض الصحابة: نجعله مضاربة بينهم وبين المسلمين: لهما نصف الربح وللمسلمين نصف الربح فعمل عمر بذلك، وهذا مما اعتمد عليه الفقهاء في المضاربة، وهو الذي استقر عليه قضاء عمر بن الخطاب، ووافقه عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو العدل؛ فإن النماء حصل بمال هذا وعمل هذا، فلا يختص أحدهما بالربح، ولا تجب عليهم الصدقة بالنماء؛ فإن الحق لهما لا يعدوهما؛ بل يجعل الربح بينهما كما لو كانا مشتركين شركة مضاربة". اهـ.
إذا تقرر هذا فيجب عليك التوبة من الاحتيال والعزم على عدم العود، ورد المال المسروق لأصحابه، كما يجب أن تعطيهم نصف أرباحك، أما النصف الآخر فهو حلال لك،، والله أعلم.