حكم رد الهدايا المقدمة للزوجة غير المدخول بها
خالد عبد المنعم الرفاعي
انا كنت متجوز من 11 سنة ولم يرزقني الله بالأولاد وبعدما كتب الكتاب على الزوج الثانية وقبل الدخول طلبت الزوجة الأولى الطلاق وتم الطلاق، ولكن الزوجة الثانية قبل أن ادخل بها وبعد طلاق الأولى طلب بأن تأخذ موانع حمل لمدة سنة حتى تتأكد بعدم رد الزوجة الأولى وهذا ما رفضته وطلبت الطلاق وتم الطلاق دون الدخول بها. الشاهد انني كنت تقدمت بمهر وشبكة وتقدمت امي بهدية، وقد تنازلت عن كامل المهر والشبكة وطالبت امي بالهدية لإنها مسببة والسبب الزواج ولم يتم، فما حكم الشرع في ذلك بشأن هدية الأم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت الهبة قد تمت بشروطها بحيث كان الواهب مؤهلاً للتصرف وقت الهبة، وتمت حيازتها من طرف الموهوب له حيازة تامة، بحيث يصبح متصرفًا فيها تصرف المالك في ملكه، ويرفع الواهب عنها يده تماماً، فلا يحق للواهب الرجوع فيها؛ لما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم –قال: ((ليس لنا مثل السوء، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه)).
وروى الإمام أحمد وأصحاب السنن عن ابن عمر وابن عباس- رضي الله عنهم- أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يحل لرجل أن يعطي العطية فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده...)).
وذهب جمهور العلماء على حرمة العودة في الهبة إذا استوفت شروطها، وأن الهبة تلزم بالحيازة وتمضي إن كان الواهب مؤهلاً للتصرف غير محجور عليه، ولا يحق له الرجوع فيها بعد ذلك، أما إذا لم تستوف الهبة شروطها فإنها ترجع إلى صاحبها، فقد روى الإمام مالك في الموطأ: ((أن أبا بكر وهب لعائشة- رضي الله عنها- جذاذ عشرين وسقا من ماله بالعالية، فلما مرض مرضه الذي توفي فيه، قال لها: كنت قد نحلتك عشرين وسقا ولو كنت قبضتيه أو حزتيه كان لك، فإنما هو اليوم مال وارث فاقتسموه على كتاب الله تعالى)). وقال ابن أبي زيد المالكي في الرسالة: ولا تتم هبة ولا صدقة ولا حبس إلا بالحوز.
إذا تقرر هذا، فلا يجوز لأمك الرجوع في هبة التي وهبتها لطليقتك، ولا التعلل بأنها كانت بسببب الزواج؛ لأن العلماء إنما قالوا مثل هذا في رد هبة الخاطب للمخطوبة، ومن زعم أن لها الحق في الرجوع في هبتها فعليه الدليل،، والله أعلم.